كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

وأن اللَّه يعفو عنهم ويرحمهم ولا يؤاخذهم بخطاياهم، وأن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم وما تمنيهم أحبارهم من أنّ النار لا تمسهم إلا أياما معدودة. وقيل: إلا أكاذيب مختلفة سمعوها من علمائهم فتقبلوها على التقليد. قال أعرابى لابن دأب في شيء حدث به: أهذا شيء رويته، أم تمنيته، أم اختلقته وقيل: إلا ما يقرؤن من قوله:
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلَهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صاحب "النهاية": وفي الحديث: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"، أراد أنهم على أصل ولادة أمهم أنهم لم يتعلموا الكتابة والحساب.
قوله: (وأن الله يعفو عنهم) إلى آخره: عطف تفسيري بيان لقوله: "من أمانيهم".
قوله: (وقيل: إلا ما يقرؤون). فإن قلت: إلا ما يقرؤون كيف يناسب قوله: (أُمِّيُّونَ)؟ قلت: إن الأمي ربما قدر على قراءة ما، كما أنه يقدر على كتابة. وروينا عن البخاري ومسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الصلح، أخذ الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله. وهذا القدر لا يقدح في التسمية بالأمي، ولهذا قال المصنف: "أميون لا يحسنون الكتب فيطالعوا التوراة ويتحققوا ما فيها".

الصفحة 549