كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

[(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ* بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ* وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)].
(إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً): أربعين يوماً عدد أيام عبادة العجل. وعن مجاهد: كانوا يقولون مدّة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب مكان كل ألف سنة يوما. (فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ) متعلق بمحذوف تقديره: إن اتخذتم عند اللَّه عهدا فلن يخلف اللَّه عهده .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبيل الإنكار حيث لم يعملوا بموجبه، وعن المقلدين بقوله: (لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ)، ثم حكم أنهم في الظن المؤدي إلى الضلال سواء كقوله: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) [الأنعام: 116]، وعليه ورد كلام القاضي: قد يطلق الظن بإزاء العلم على كل رأي واعتقاد من غير قاطع، وإن جزم به صاحبه، كاعتقاد المقلد والزائغ عن الحق لشبهة، فعلى هذا في الآيات جمع وتقسيم، ثم جمع: جمع الفريقين في قوله: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) ثم قسمهم فريقين: علماء ومقلدين، ثم جمعهم في "يظنون".
قوله: (متعلق بمحذوف تقديره: إن اتخذتم عند الله عهداً) فاعلموا أن الله لن يخلف عهده، فالجملة الشرطية معترضة، والأصل: أأتخذتم عند الله عهداً أم تقولون على الله ما لا تعلمون؟ ! ويمكن أن تكون الفاء سببية، ليكون اتخاذ العهد مرتباً عليه عدم إخلاف الله عهده، فالمنكر إذن المجموع؛ لأنهم لما قالوا: (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً) أنكر عليهم هذا القول، يعني: هذا الذي تقولونه لا يكون إلا بأن عاهدتم الله عليه، فهو لا يخلف وعده، ويؤيده إعادة "لن".

الصفحة 551