كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

و (خطيئاته). وقيل في الإحاطة: كان ذنبه أغلب من طاعته. وسأل رجل الحسن عن الخطيئة قال: سبحان اللَّه: ألا أراك ذا لحية وما تدرى ما الخطيئة!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبغضاً لمن يمنعه عنها، مكذباً لمن ينصحه فيها، كما قال تعالى: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ) [الروم: 10].
قلت: وما يعضد قول السلف الصالح أن الآية وردت لرد زعم اليهود بأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة وإثبات الوعيد بالخلود في النار، فجيء بها عاماً ليدخلوا فيه دخولاً أولياً، ثم أردفت بما هي مقابلة لمعناها، وهي وصف المؤمنين، وختمت بذكر الخلود، وذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 82] وهو عطف على قوله: (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) [البقرة: 81]، وغير معنى الشرطية فيها إلى الثبوت الصرف لترجيح جانب الرحمة.
قال السجاوندي: تقول: من دخل داري فأكرمه، دخول الفاء يقتضي إكرام كل من دخل لكن على خطر أن لا يكرم، وفي الذي دخل مع الفاء يكرم حقيقة، فلذلك قال: (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) و (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ... فَلَهُمْ) [البقرة: 274] فيما لا يكون.
قوله: (كان ذنبه أغلب من طاعته) هذا أيضاً مبني على مذهبه والقول بالموازنة والإحباط، وقد سبق إبطاله.
قوله: (سبحان الله، ألا أراك ذا لحية)، تعجب منه ومن سؤاله، يعني: بلغت مبلغ الكمال وأنت ناقص لم تعلم ما وجب عليك تعلمه.

الصفحة 553