كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

انظر في المصحف فكل آية نهى فيها اللَّه عنها وأخبرك أنه من عمل بها أدخله النار فهي الخطيئة المحيطة.
[(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) 83].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فهي الخطيئة المحيطة)، الضمير راجع إلى ما يرجع الضمير في "عنها" غليها، وهي الخطيئة المقيدة، والضمير في "أنه" للشأن.
والخطيئة والسيئة متقاربتان، غلا أن الخطيئة أكثر ما تستعمل فيما لا يكون مقصوداً إليه في نفسه، بل يكون القصد إلى شيء آخر لكن تولد منه ذلك الفعل، كمن يرمي صيداً فأصاب إنساناً، أو شرب مسكراً فجنى جناية، وفي "الأساس": أخطأ في المسألة وفي الرأي، وخطئ خطأ عظيماً؛ إذا تعمد الذنب، ويقال: لأن تخطئ في العلم خير من أن تخطئ في الدين، وقيل: هما واحد.
الراغب: الخطيئة والسيئة يتقاربان، لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصوداً إليه في نفسه، بل يكون القصد سبباً لتولد ذلك الفعل كمن يرمي صيداً وأصاب إنساناً، أو شرب مسكراً فجنى في سكره جناية. ثم السبب سببان: سبب محظور كشرب المسكر وما يتولد من الخطأ عنه غير متجاف عنه، قال تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَاتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) [الأحزاب: 5]. فالخطيئة هنا هي التي لا تكون عن قصد إلى فعله، وقوله تعالى: (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) [البقرة: 58] فهي المقصود إليها. والخاطئ هو القاصد للذنب وعلى قوله تعالى: (لا يَاكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ) [الحاقة: 37]، وقد سمى الذنب خاطئة في قوله تعالى: (وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ) [الحاقة: 9] أي: الذنب العظيم، نحو قولهم: شعر شاعر.

الصفحة 554