كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

وبالياء لأنهم غيب. (حُسْناً) قولاً هو حسن في نفسه؛ لإفراط حسنه. وقرئ (حسنا). و (حسنى) على المصدر كبشرى. (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) على طريقه الالتفات أى توليتم عن الميثاق ورفضتموه، (إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ):
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هو حسن في نفسه لإفراط حسنه) يريد أن "حسنا" مصدر وصف به للمبالغة نحو: رجل عدل. قال الواحدي: الحسن لغة في الحسن كالرَّشَدِ والرُّشد.
قوله: (وقرئ حسناً)، قرأ حمزة والكسائي "حسناً" بالفتح، والباقون: بالضم، وأما "حسنى" فشاذة.
قوله: (وحسنى على المصدر كبشرى) كأنه رد لقول الزجاج؛ لأنه قال: أما حسنى فخطأ لا ينبغي أن يقرأ به، ونحو باب الأفعل والفعلى لا يستعمل إلا بالألف واللام كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى) [الأنبياء: 101].
قال القاضي: والمراد بقوله: (حُسْناً): ما فيه تخلق وإرشاد؛ لأن المتكلم إما أن يتكلم من جهة نفسه فينبغي أن لا يصدر منه إلا ما يدخل تحت مكارم الأخلاق، وإما من جهة مخاطبه فكذا ينبغي أن لا يتكلم إلا بما يرشده إلى طريق الحق والصراط المستقيم.
قوله: ((ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) على طريقة الالتفات)، وهو من الغيبة في قوله: (أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) إلى الخطاب، والفائدة التأنيب والتوبيخ، استحضرهم فوبخهم.

الصفحة 557