كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ* وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ* وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ)].
(الْكِتابَ): التوراة آتاه إياها جملة واحدة. ويقال: قفاه إذا أتبعه من القفا. نحو ذنبه، من الذنب. وقفاه به: أتبعه إياه، يعنى: وأرسلنا على أثره الكثير من الرسل، كقوله تعالى: (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) [المؤمنون: 44] وهم: يوشع وأشمويل وشمعون وداود وسليمان وشعياً وأرمياً وعزير وحزقيل وإلياس واليسع ويونس وزكريا ويحيى وغيرهم. وقيل (عِيسَى) بالسريانية أيشوع. و (مَرْيَمَ) بمعنى الخادم. وقيل: المريم بالعربية من النساء، كالزير من الرجال. وبه فسر قول رؤبة:
قُلْتُ لِزَيْرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأشمويل)، قيل: هو تعريب إسماعيل، وليس به؛ لأن قوله: (وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ) [البقرة: 87] يأباه، اللهم إلا أن يراد أن هذا غير إسماعيل الذي هو ابن إبراهيم عليهما السلام، وهو بعيد أيضاً، لأن أشمويل هذا على ما أورده أبو عبد الله محمد الكسائي في كتاب "المبتدأ": أشمويل بن يام بن حام من ولد هارون عليه السلام، وذكره الله تعالى في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [البقرة: 246] والنبي أشمويل، وقال لهم: (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا) [البقرة: 246].
قوله: (قلت لزير لم تصله مريمه)، بعده:
ضليل أهواء الصبا تندمه

الصفحة 564