كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

الحمد للَّه الذي آجدني بعد ضعف، وأوجدني بعد فقر. (بِرُوحِ الْقُدُسِ): بالروح المقدّسة، كما تقول: حاتم الجود، ورجل صدق. ووصفها بالقدس كما قال: (وَرُوحٌ مِنْهُ) فوصفه بالاختصاص والتقريب للكرامة. وقيل: لأنه لم تضمه الأصلاب، ولا أرحام الطوامث. وقيل بجبريل. وقيل بالإنجيل كما قال في القرآن: (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى: 52]. وقيل: باسم اللَّه الأعظم الذي كان يحيى الموتى بذكره. والمعنى: ولقد آتينا يا بنى إسرائيل أنبياءكم ما آتيناهم َفَكُلَّما جاءَكُمْ ......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجوهري: ناقة أجد: إذا كانت قوية موثقة الخلق، وآجدها الله، وهي موجدة القرا، أي: موثقة الظهر.
قوله: (كما تقول: حاتم الجود)، والأصل حاتم الجواد، ثم حاتم الجود. فهو من باب إضافة الموصوف إلى الصفة للمبالغة في الاختصاص، ففي الصفة القدس منسوب إليها، أي: روح مقدسة، وفي الإضافة بالعكس، نحو: مال زيد. قال المصنف في قوله: (عَذَابَ الْخِزْيِ) [فصلت: 16]: أضاف العذاب إلى الخزي على أنه وصف للعذاب كما تقول: فعل السوء، تريد الفعل السيئ.
قوله: (كما قال: (وَرُوحٌ مِنْهُ) [النساء: 171])، التشبيه واقع للمبالغة في الكرامة، أي: فوصفها بالقدس للكرامة، كما وصفه بالاختصاص للكرامة. الفاء في قوله: "فوصفه" تفسيرية، لأنه لا يجوز تشبيه الوصف بالقول ففسره بالوصف ليصح.
قوله: (وقيل: لأنه لم تضمه) عطف من حيث المعنى على قوله: "ووصفها بالقدس"، أي: وصف روح عيسى بالقدس، لمطلق طهارته وبراءته عن الرذائل، وقيل: "لأنه لم تضمه الأصلاب".

الصفحة 566