كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

فأريد استحضاره في النفوس وتصويره في القلوب، وأن يراد: وفريقاً تقتلونهم بعد لأنكم تحومون حول قتل محمد صلى اللَّه عليه وسلم لولا أنى أعصمه منكم. ولذلك سحرتموه، .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ففعلتم ما فعلتم" فهو كناية عن عين التكذيب والقتل وغير ذلك من قبائحهم وعنادهم. ثم استأنف الكلام موبخاً لهم على ذلك، مصدراً الجملة بهمزة الإنكار قائلاً: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ) على تقدير: أكفرتم وخالفتم، فكلما جاءكم رسول. وهو المراد بقوله: "الفاء لعطفه على المقدر" وهو كفرتم. هذا تقدير صاحب "المفتاح". فالهمزة على الوجه الأول مقحمة، وعلى الثاني: لا.
وتلخيصه: أن "الفاء" في قوله: "أفكلما" إما سببية أو عاطفة، فإذا كانت سببية يكون ما بعدها مسبباً عما قبلها على سبيل التعكيس، فلا يجب تقدير مسبب آخر، فتكون الهمزة مقحمة بين السبب والمسبب، وإذا كانت عاطفة فيجب تقدير مسبب عن الإيتاء قبل الهمزة، وتقدير المعطوف عليه بعدها، والوجه هو الأخير لما يحصل منه تنبيه التقريع والتوبيخ إجمالاً وتفصيلاً.
وقيل: المقدر "ففعلتم ما فعلتم". وليس بذلك، ويدفعه "ثم" في قوله: "ثم وبخهم" لأنه يستدعي إنشاء كلام متراخ في المرتبة، والفاء العاطفة تنافيه، ولأن المشار إليه بقوله: "على ذلك" هو "فعلتم ما فعلتم". قال القاضي: الفاء في قوله: (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ) للسببية أو التفصيل، يعني لقوله: (اسْتَكْبَرْتُمْ)، بمعنى: أنفتم أو تعظمتم من أن تكونوا أتباعاً، لأنهم كانوا متبوعين فآثروا الدنيا على الآخرة أيضاً.

الصفحة 568