كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

غير مخالفٍ له. وفيه رَدّ لمقالتهم، لأنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها. ثم اعترض عليهم بقتلهم الأنبياء مع ادّعائهم الإيمان بالتوراة والتوراة لا تسوّغ قتل الأنبياء.
[(وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ* وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَامُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)]
(وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) يجوز أن يكون حالاً، أي: عبدتم العجل وأنتم واضعون العبادة غير موضعها. وأن يكون اعتراضا بمعنى: وأنتم قوم عادتكم الظلم. وكرّر رفع الطور لما نيط به من زيادة ليست مع الأول مع ما فيه من التوكيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفيه رد لمقالتهم) أي: أدمج في إيقاع "وتكفرون" حالاً من فاعل "تؤمن" هذا المعنى يعني: أنهم في هذه الدعوى شاهدون على أنفسهم بالكفر.
قوله: (وأن يكون اعتراضاً) أي: تذييلاً؛ لأن المعترضة هي التي اعترضت بين كلام، أو بين كلامين متصلين معنى، والتذييل ما يؤكد به تمام الكلام. والفرق بين أن تكون حالاً وبينها أن تكون اعتراضاً، أن الحال لبيان هيئة المعمول، والاعتراض لتأكيد الجملة بتمامها، ومن ثم قال في الحال: "وأنتم واضعون العبادة غير موضعها"، وفي الاعتراض: "وأنتم قوم عادتكم الظلم" أي: دأب الظلم استمر منكم، وعبادة العجل نوع منه، وأيضاً الجملة الحالية مقيدة للمطلق، فتكون كالمخصص للعام، والمعترضة أعم مما اعترضت فيه، وإليه الإشارة بقوله: "وأنتم قوم عادتكم الظلم".
قوله: (كرر رفع الطور لما نيط به من زيادة ليست مع الأولى) وذلك أنه ذكر في الأولى:

الصفحة 579