كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(بِكُفْرِهِمْ): بسبب كفرهم. (بِئْسَما يَامُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ): بالتوراة؛ لأنه ليس في التوراة عبادة العجاجيل.
وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم، كما قال قوم شعيب (أَصَلاتُكَ تَامُرُكَ) [هو: 87]، وكذلك إضافة الإيمان إليهم.
وقوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) تشكيك في إيمانهم، وقدح في صحة دعواهم له.
[(قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)].
(خالِصَةً) نصب على الحال من (الدَّارُ الآَخِرَةُ) والمراد الجنة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه أفاد أن شيئاً ما عنده محتاج إلى الشرح، فبين بقوله: صدري ذلك المبهم، كذلك قوله: (وَأُشْرِبُوا) مبهم. لا يعلم منه أي مكان من أمكنة جسدهم تداخل فيها الحب. فبين أن المكان هو قلوبهم، وهذا من المبالغات والإيذان بأن المقام يقتضي مزيد التقرير.
قوله: ((خَالِصَةً) نصب على الحال من (الدَّارُ الآخِرَةُ)) قيل: الوجه أن تكون حالاً من الضمير المستتر في الخبر العائد إلى الدار الآخرة، لأن اسم كان لا يقع عنه الحال.
قال الحديثي: إن الأفعال الناقصة لا تعمل في الحال؛ لأنه لم يؤت بها لنسبة حدث محقق إلى فاعلها حتى يقتضي متعلقات، يعني إذا قلت: كان زيد قائماً، لم ترد به أن زيداً ثبت، بل تريد به أن القيام المنسوب إليه ثبت لا غير، وذلك حاصل لزيد وإن لم تذكر "كان"، ولذا توهم كثير أنه لا دلالة لها على الحدث، بل وضعها للدلالة على مجرد الزمان، فلذا لم تعمل إلا في الاسم والخبر.

الصفحة 582