كتاب شرح مختصر أصول الفقه للجراعي (اسم الجزء: 2)

ثم: إن صح فلعل مراده: "أفعل إن شاء الله" (¬1)، أو ما سبق. وذكر الآمدي (¬2) اتفاق أهل اللغة -سواه- على إبطاله.
وقال الإمام أحمد (¬3): "قول ابن عباس إذا استثناه بعد سنة فله ثنياه. ليس هو في الأيمان إنما تأويله قول الله تعالى {(22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (¬4) (¬5) فهذا استثناء من الكذب؛ لأن الكذب ليس فيه كفارة".
وابن عباس حكي عنه ثلاثة أقوال، فالذي رواه عنه سعيد (¬6) أنه كان يرى الاستثناء جائزًا ولو بعد سنة، فيه الأعمش وهو مدلس (¬7).
¬__________
(¬1) أي: إن صح ذلك فلعله كان يعتقد صحة إضمار الاستثناء، ويدين المكلف بذلك فيما بينه وبين الله تعالى، وإن تأخر الاستثناء لفظًا، وهو غير ما نحن فيه.
(¬2) انظر: الإحكام (2/ 312) ولفظه: "واتفاق أهل اللغة على إبطاله ممن سواه".
(¬3) انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص (251).
وقال أيضًا ص (252): "قلت: مراد أحمد - رضي الله عنه - والله أعلم- إنه إذا نسي أن يقول: أفعل كذا إن شاء الله تعالى. فيقول متى ذكر. وعليه يحمل مذهب ابن عباس".
(¬4) آية (23، 24) من سورة الكهف.
(¬5) أي: إذا نسيت أن تستثني عند القول فاستثن بعد ذلك، ولم يحدد سبحانه وتعالى لذلك غاية.
(¬6) انظر: تفسير الطبري (17/ 645).
(¬7) يدلس الأعمش إذا عنعن كما في هذا الخبر.=

الصفحة 545