ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء) وفي رواية (لم يحمل الخبث) وبدل "بلغ" "كان" رواه أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) والنسائيُّ (¬3) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الماء طهور لا ينجسه شيء) رواه أبو داود (¬4)، فإن مفهوم الأوّل مخصص لعموم الثاني.
قال أبو العباس (¬5): "تخصيص العموم بالمفهوم إنما هو في كلامين منفصلين من متكلم واحد، أو في حكم الواحد، ككلام الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، لا في كلام واحد متصل، ولا متكلمين يجب اتحاد مقصودهما كبينة شهدت أن جميع الدار لزيد، وأخرى أن الموضع الفلاني منها لعمرو؛ فإنهما يتعارضان في ذلك الموضع". قال: "وغلط بعض الناس فجمع بينهما؛ لأنه من باب العام والخاص، كما غلط بعضهم في كلام متكلم متصل".
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب ما ينجس الماء برقم: (63) بلفظ: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث).
(¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء برقم: (66) بلفظ أبي داود.
(¬3) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب التوقيت في الماء برقم: (52) بلفظ أبي داود.
وأخرجه ابن ماجة في كتاب الطهارة، باب مقدار الماء الذي لا ينجس برقم: (517) بلفظ: (لم ينجسه شيء).
(¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب ما ينجس الماء برقم: (66).
والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء برقم: (65)، وقال الترمذي: حديث حسن.
(¬5) لم أقف عليه في المسودة، انظر: أصول الفقه لابن مفلح (3/ 965).