كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 2)

قلت: والحديث الذي أشار إليه أخرجه مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَررْتُ ليلةَ أُسريَ بي على مُوسى عند الكَثيبِ الاْحمرِ وهو قَائمٌ يُصلِّي في قبرِهِ" (¬1).
وقد ذكرنا أن موسى مات وهو ابن مئة وعشرين سنة.
وقال وهب: عاش موسى عليه السَّلام في ملك أفريدون عشرين سنة وفي ملك منوشهر مئة سنة.
وقال ابن عباس: بين إبراهيم وموسى عليهما السلام سبع مئة سنة.

فصل في فضل موسى عليه السلام
قال أحمد بن حنبل بإسناده عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: استبَّ رجلان،
رجل من المسلمين ورجل من اليهود، قال المسلم: والذي اصطفى محمدًا على العالمين، في قَسَمٍ أقسم به، وقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده فلطم اليهوديَّ، فمضى اليهوديُّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما كان من أمره وأمرِ المسلم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تخيِّروني على مُوسى، فإنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ فأَكُونُ أوَّلَ مَنْ يُفيقُ، فإذا موسى باطِشٌ بِجانِبِ العَرْشِ، فلا أَدْري أَكَانَ فيمَنْ صُعِقَ فأفاقَ أوكانَ فيمن استَثْنَى اللهُ". مُتَّفَقٌ عليه (¬2).
وقال أحمد بإسناده، وقد أخرجه الحميدي، وفيه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري: "لِمَ لطمتَ وجْهَ اليهوديِّ؟ " فقال: يا رسول الله، فَضَّل موسى عليك وعلى البشر، فَغَضِبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "لا تُفضّلُوا بَينَ أَنْبياءِ الله فإنَّهُ يُنْفَخُ في الصور فَيُصْعَقُ مَن في السَّمَاواتِ والأرض إلا مَنْ شَاءَ الله، ثُمَّ يُنْفَخُ فيهِ أُخْرَى فأَكُونُ أول مَن بُعِث، فإذا موسى آخذٌ بالعَرْشِ، فلا أدْرِي أَحُوسِبَ بصَعْقةِ الطُّورِ أم بُعِثَ قَبْلي" (¬3). وللبخاري: "إنَّي لأوَّلُ مَنْ رَفَع رأسهُ بَعْدَ النَفْخَةِ فإذا موسى مُتَعلِّقٌ بالعَرْشِ" وذكره (¬4).
¬__________
(¬1) "صحيح مسلم" (2375) عن أنس بن مالك.
(¬2) أخرجه أحمد (7586)، والبخاري (2411)، ومسلم (2373).
(¬3) أخرجه أحمد (11365)، والبخاري (3414)، ومسلم (2373)، وانظر "الجمع بين الصحيحين" (1758).
(¬4) أخرجه البخاري (4813).

الصفحة 108