كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 2)

قال أبو سليمان الخطَّابي: "الصَّعْقُ": الموتُ، والأصح أنه مثل الغشي، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تخيّروا" منسوخٌ بقوله: "أنا سيّد ولد آدم ولا فخر" (¬1).
و"الباطشُ": الآخذ، وإنما يأخذ موسى بساق العرش قبل الناس لأنه في صورة غريم يطلب الدين من غير مماطل {فَسَوْفَ تَرَانِي} ومعنى الحديث: أنه صُعقَ مرةً فلا يحتاج إلى أخرى.
وفي مسلم عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي على مُوسى عليه السَّلام قائمًا يُصَلِّي في قَبْرِهِ" (¬2).
وأخرج مسلم عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عُرِضَ عَلَيَّ الأنبياءُ فإذا موسى ضَرْبٌ من الرِّجَالِ كأنَّهُ مِنْ رجالِ شَنوءَةَ، وذكَر عيسى ابنَ مريمَ" (¬3).
والضَّرب: الخفيف اللحم، ورجال شَنُوءة كانوا طِوالًا، ويقال: أزد شَنُوءَة، وقد تقدم هذا وأخرجه أحمد (¬4).
وأما إسناد مسلم، فقال مسلم بإسناده عن جابر بن عبد الله، وذكره، وفيه: "ورَأَيتُ إبراهيمَ وأقربُ مَن رأيت به شبهًا صاحِبُكم، ورأيتُ عيسى وإذا أقربُ مَن رأيتُ به شَبَهًا عروةُ بن مسعودٍ" (¬5).
فإن قيل: فهل تعرفون في المُحَدِّثين من اسمه موسى بن عمران؟ فالجواب: جماعة، منهم: موسى بن عمران أبو عِمْران السُّلَمي، حدَّث بدمشق عن أبيه وروى عنه جمح بن القاسم، ومنهم موسى بن عمران بن موسى بن هلال، سمع مَكْحُولًا البيروتي وأبا الحسن بن جَوْصا، وأباه وغيرهم، وكانت وفاته بسَلَمَاس في سنة ثمانين وثلاث مئة (¬6).
* * *
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (10987).
(¬2) أخرجه مسلم (2375).
(¬3) أخرجه مسلم (167)، وهو عند البخاري من حديث أبي هريرة (3394).
(¬4) أخرجه أحمد في "مسنده" (14629).
(¬5) أخرجه مسلم (167).
(¬6) تاريخ دمشق 17/ 394 (مخطوط).

الصفحة 109