فوضَعَهُ تحت النَّارِ فأكَلَتهُ، فلم تَحِل الغنائمُ لأحدٍ قبلَنا، ذلك بأنَّ الله رأى ضَعفَنَا وعَجزَنا فَطيَّبها لنا". متفق عليه (¬1). والذي رُدَّتْ له الشمس يوشع بن نون بإجماع العلماء، وكانت النار إذا نزلت فأكلت القربان علم أنه مقبول.
وقال ابن الكلبي: ولما فتح يوشع أَريحا سار إلى البَلقاء فقتل بالقًا ملكها- وقد ذكرنا أن موسى قتله، وكان بالق من العمالقة- وفرَّق العمالقةَ من الشام ثم سار إلى أَيْلة وبها ملك العمالقة السَّميدَع بن هوبر فقتله، وفي ذلك يقول عمرو بن سعد (¬2) الحميري:
ألم تَرَ أنَّ العملقيَّ ابن هَوْبَر ... بأيلةَ أَمسى لحمُهُ قد تمزَّعا
تداعت عليه من يهودَ جحافلٌ ... ثمانون ألفًا حاسرين ودرَّعا
وقال ابن الكلبي: ومن بقي من العمالقة وأفلت من يوشع ساروا إلى المغرب، فتفرقوا وصعدوا الجبال، فهم البربر بقيَّة الكنعانيين، وإنما سموا بالبربر لأن ملكهم قال لهم: ما أكثر بربرتكم أي حديثكم بلغتكم (¬3). وذكرهم الجوهري فقال: وبربر جيل من الناس، ذكرهم بغير ألف ولام، قال: والجمع البرابرة (¬4).
وروى ابن أبي الدنيا عن إبراهيم بن عمرو الصنعاني قال: أوحى الله إلى يوشع إني مهلكٌ من قومك مئة الف، ستين ألفًا من خيارهم وأربعين ألفًا من شرارهم. قال: يا رب، فما بالُ الأخيار أكثر هلاكًا؟ قال: كانوا يجالسون الأشرار ولم يغضبوا قطُّ يومًا لغضبي (¬5).
ذكر وفاة يوشع
قال ابن إسحاق: ولما احتضر يوشع استخلف كالب بن يوفنا وأوصى إليه، ودفن
¬__________
(¬1) من قوله: قال الإمام أحمد ... إلى هنا من (ب) وليس في (ط)، وأخرج الحديث: أحمد (8238) وما بين معكوفين منه، والبخاري (3124)، ومسلم (1747).
(¬2) في "ب" سعيد، وفي (ط): مسعود، والمثبت من مروج الذهب 1/ 98.
(¬3) انظر "تاريخ الطبري" 1/ 442، و"المنتظم" 1/ 378.
(¬4) "الصحاح": (برر).
(¬5) "العقوبات" لابن أبي الدنيا (13)، وانظر "المنتظم" 1/ 378.