كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 2)

المحض بن جندل بن يعصب بن مدين بن إبراهيم.
وقال: {وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} [هود: 85] أي: أتموهما {بِالْقِسْطِ} أي: بالعدل. وقال ابن عباس: إنما قال لهم: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [هود: 85] الآية، لأنه لم يؤمر بالقتال.
{قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} من الأوثان، وكان كثير الصلاة والتلاوة {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} وكانوا يقصُّون جوانبَ الدنانير والدراهم لينقصوها {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] أي: السفيه، كما يقال للديغ سليم. وقيل: على وجه الاستهزاء.
{وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} أي: خلافي {أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: 89] فقالوا في الجواب: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} [هود: 91] أي: ضعيف البصر. قال مجاهد: ثم عمي في آخر عمره، وقيل: إنه بعث وهو أعمى، وأنكر قوم هذا، وقالوا: ما بعث الله نبيًا أعمى ولا به زمانةٌ، لما نذكر.
ثم قال: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} [الأعراف: 86] يقال: وعدته في الخير، وأوعدته في الشر. وحكى جدي في "التبصرة" عن سعيد بن جبير أنه قال: كان قد ذهب بصره. قال: وقال ابن المنادي: إن ثبت هذا فهو كان في آخر عمره، لأنه لا يُبْعَثُ نبيٌّ أعمى. قال ابن المنادي: وقد قال أبو رَوْق: لم يبعثِ الله نبيًا أعمى ولا به زمانة. وهذا القولُ أليطُ بالقلوب من قول سعيد بن جبير (¬1).
واختلفوا في الصراط على أقوال:
أحدها: أنهم كانوا يقعدون على الطريق يصدُّون من آمن به، قاله ابن عباس (¬2).
والثاني: أنهم كانوا عشَّارين، قاله مجاهد والسدي (¬3).
والثالث: كانوا يقطعون الطريق، قاله أبو رَوْق وابن زيد (¬4).
¬__________
(¬1) "التبصرة" 1/ 206.
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 557.
(¬3) انظر "عرائس المجالس" ص 167، و"زاد المسير" 3/ 229.
(¬4) انظر "عرائس المجالس" ص 167، و"زاد المسير" 3/ 229.

الصفحة 22