كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 2)

إني أرى غيمةً يا قومُ قد طلعت ... تدعو بصوت على صمَّانةِ الوادي
وأنه لن تروا فيها غداةَ غدٍ ... إلَّا الرَّقِيم تُمَشِّي بين أنجادي
وسمير وعمران: كاهِنان، والرقيم: اسم كلب (¬1).
وقال ابن المسيب: لما انهزموا من الأسراب رُفِعَ لهم جبلٌ تحته أنهار وعيون، فاجتمعوا تحته، فقلب الله عليهم الجبل. وقال الله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [هود: 95] أي: لم يسكنوا بمغانيها، من قولهم غنيتُ بالمكان إذا أقصت به، والمغاني: المنازل. وقال السدِّي: ولما هلكوا رثاهم بعضهم فقال (¬2):
ملوك بني حُطِّي وسَعفَص ذو النَّدى ... وهوز أرباب البنيّةِ والحجر
همُو مَلَكوا مُلْكَ الحجاز بأوجهٍ ... كمثلِ شُعاع الشمسِ أو هالةِ البدر
وهم وَطَّنوا البيت الحرامَ ورتَّبوا ... أمورًا وسادوا بالمكارم والفخر

ذكر وفاة شعيب وموضع قبره
واختلفوا فيه: فقال علماء السير: أقام مدةً بعد هلاك قومه، ووصل إليه موسى عليه السلام، وزوَّجه بابنته. قال جدي رحمه الله في "التبصرة": ثم خرج إلى مكة فمات بها وعمره مئة وأربعون سنة، ودفن في المسجد الحرام، حيالَ الحجر الأسود (¬3).
قلت: وعند طبرية بالساحل قرية يقال لها: حطين فيها قبر يقال: إنه قبر شعيب، وما ذكره جدي أصحُّ؛ وكان شعيب قد أوصى إلى موسى.
وقال جدي رحمه الله في "أعمار الأعيان": وتوفي بهذه السن: فروة ونفاثة، ومعاذ ابن حيان، ومرارة (¬4).
وقال الشَّرقي بن قَطامي: إن الله بعث نبيًا آخر بعد شعيب، يقال له: شعيب بن ذي مهدم بن حصورا، إلى بني حصورا، وهم أمَّةٌ عظيمة من ولد يافث بن نوح، وكانت
¬__________
(¬1) انظر "عرائس المجالس" ص 168.
(¬2) القائل هو: المنتصر بن المنذر. إن صحَّ ذلك، فالأبيات نسبت إليه في "الروض المعطار" ص 71.
(¬3) "التبصرة" 11/ 207.
(¬4) "أعمار الأعيان" ص 99 - 100.

الصفحة 25