وقال له: هل نويتَ لهذا البيت أمرًا؟ قال: نعم هَدْمَه. قال: فارجع عما نويتَ وقد عُوفيتَ، ففعلَ فعُوفي، فآمن بالله، وبدين إبراهيم عليه السلام، وخَلع على الكعبةِ سبعةَ أثواب، وهو أولُ من كساها.
ثم خرج إلى يَثرب وهي بُقْعةٌ فيها عين، وليس بها بُنْيان ولا أحدٌ، فنزل على رأس العين.
واعتزل من الحكماء والعلماء الذين في صحبته أربعُ مئة، وقالوا: لا نفارق هذه البقعة، ترقُّبًا لخروج نبي من بني إسماعيلَ بن إبراهيم، اسمُه محمّد - صلى الله عليه وسلم -.
فقال: سيروا معي، فأبوا، وعَرَّفوه ما أَجمعوا عليه، فبنى لهم أربع مئة دارٍ، وأعطى كل واحد منهم جاريةً، وأجزل عطاءهم، وكتب لهم كتابًا وختمه بالذهب، ودفعه إلى العالم الذي نصحه في شأن الكعبة، وقال له: إنْ خرج محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - , فادْفعْه إليه إن أَدركْتَه، فإن لم تُدركه فإلى أولادكم، وأولاد أولادكم.
وكان في الكتاب: أما بعد، يا محمد، فإني آمنتُ بالله، وبك وبكتابك الذي أنزله الله عليك، أنا على دينك، وقد آمنتُ بشرائع الإسلام، فإن أدركتُك فبها ونعمتْ، وإن لم أُدركك فاشفَعْ لي يوم القيامة ولا تَنْسَني، فإني من أمَّتك. وذكر كلامًا هذا معناه.
ثم خرج إلى الهند، فمات بغلسان بلدة من بلاد الهند، قال: ومن يوم مات تُبَّع إلى مولد نبينا - صلى الله عليه وسلم - ألفُ سنة، وأن الأنصار من أولاد أولئك العلماء الأربع مئة، وأن أولادَهم أوصلوا الكتاب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه قال: "مرحبًا بالأخ الصَّالح"، قال: وأن أبا أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - كان من ولد ذلك العالم الذي نهى تُبَّعًا عن خراب الكعبة، وأن الدَّار التي نزلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي الدارُ التي بناها تُبَّعٌ له.
وقد ذكر ابن عساكر في "تاريخ دمشق" هذا الأثر وقال: هو حديث مُنكر، وفيه غير واحد من الضعفاء (¬1).
وقال الرّقاشي: كان أبو كربٍ أسعد الحميري من التبابعة، آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل مَبعثه بسبع مئةِ سنة وقال: [من المتقارب]
¬__________
(¬1) أخبار مكة للأزرقي 1/ 132، وتاريخ دمشق 3/ 504 - 507.