كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 2)

وأما الزَّجْرُ: فهو العِيافَة، وهو ضَرْبٌ من التَّكَهُّن.
وأما السَّانِح: فهو ما ولّاك مَيامِنُه من ظبْيٍ أو غيره، والبارح بخلافه. والعرب تَتيمَّن بالسَّانح وتَتَشاءم بالبارح (¬1).
وخرج جماعةٌ من العرب يقصدون سيداً في بعض المنازل، فسنَح قطيعٌ من الظباء مُعترِضةٌ للرَّكْب، ثم كرَّت راجعة، فقال زاجر معهم (¬2): [من الطويل]
ألم تَدْرِ ما قال الظِّباءُ السَّوانِحُ ... عَطَفْنَ أمام الرَّكْبِ والرَّكْبُ رائحُ
فكبَّر مَن لم يَعرف الزَّجْرَ منهم ... وأَيقَنَ قلبي أنَّهنَّ نَوائحُ
ثم قال: قَضى الرَّجل، قالوا: من أين لك؟ قال: أما رأيتم الظّباء سَنحت، ثم رَجعت على أعقابها؟ قالوا: بلى، قال: فهذا أمر لا يَتمُّ، فجاؤوا فوجدوا الرجل قد لُدغ فمات (¬3).
وأما الكَهَانة والسِّحْر فلا فرق بينهما، يستخدم الكاهنُ والساحرُ الشيطان، بفنون الرُّقى والأسامي والبَخورات، فيُخبره بالغائبات، وقد كانت الشياطين قبل مَبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَصْعَدُ السّماء، فتَستَرِقُ السَّمع، فلما بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجبت حراسه القرآن العزيز.
والسِّحْرُ حَقّ.

ذكر أسامي الكهَّان بعد الَمبْعَثِ
وهم: شِقّ، وسَطيح، وسَمْلَقة، وزوبَعة، وسَديف، والأفعى الجرهمي، وعمران أخو عامر، وعمرو بن عامر الخارج من اليمن وكاهنته طريفة، وكاهنة باهلة، وكُهَّان أُخَر.
والعَرَّاف: الكاهن، وقيل: هو الطبيب.
وأما العِيافَة فهي: زَجْر الطائر، وهو أن يَنظرَ في أسمائها، ومَسَاقِطها، وأصواتها، ويقال للعائف: المُتَكَهِّن.
¬__________
(¬1) الصحاح (زجر، سنح، برخ).
(¬2) هو الراعي النميري، والبيتان في ديوانه 45.
(¬3) مروج الذهب 3/ 340 - 341.

الصفحة 593