كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 2)

حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثَلاَثةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ؛ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا، فَأَحْسَنَ تأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فتزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ"، ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ: أَعْطَيْنَاكهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونها إِلَى الْمَدِينَةِ.
(ثلاثة)؛ أي: ثلاثةُ رجالٍ، أو نحو ذلك، وهو مبتدأٌ خبره الجُملة بعده، وهي: (لهم أجران)، فقوله بعدَه: (رجل) ليس ذلك قَيْدًا، بل المرأَة كذلك؛ لشُمول الحكم للنِّساء، أو رجلٌ، بدَلٌ من (ثلاث) بدلَ تفصِيلٍ، أو يُقال: (رجلٌ) بدَل بعضٍ، وهو وما عُطف عليه مَجموعُه بدَلُ كلٍّ، أو خبر مبتدأ، أي: هي رجلٌ، إلى آخره، أو جملة: (لهم أَجْران) صِفةٌ لـ (ثلاث)، و (رجلٌ) وما عُطف عليه خبَره.
(الكتاب) المراد به في عُرف الشَّرع التَّوراة والإنجيل، وإنْ كان بحسَب العُرف أعمَّ، ولعلَّ غير اليهود والنصارى لم يُوجد حين بِعْثة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلذلك تخصص، نعَمْ، كون اليهود من ذلك فيه إشكالٌ؛ لأنَّ شَرعَهم نُسخ بعيسى - عليه السلام -، والمَنْسوخ لا أَجْرَ في العمل به، فيختصُّ الأَجران بالنَّصارى.
وجوابه: إما منعْ نَسْخه به، وإنما نَسْخ كليهما بشَرعنا، ولا يَنبغي

الصفحة 18