كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 2)

حَمْله على العُموم، ولو قُلنا بنسخه بعيسى من حيثُ إنَ طرَيان الإيمان يكون سبَبًا لقَبول تلك الأعمال وإنْ كانت منسوخةً، كما جاء في الحديث: "إنَّ حسَناتِ الكُفَّار مقبولةٌ بعد إِسلامِهم"؛ لأَنَّا نقول: فلا يكون ذلك مختصًّا بأهل الكتاب بل هو في مُطلَق الكافر؛ إذْ لفْظ الكفَّار في الحديث يتناول الحَرْبيَّ، وليس له أَجْران قطْعًا، نعَمْ، جاء في "الصحيح" بدَل (آمَن بنبيِّه): (آمَنَ بعِيْسَى).
وبالجُملة فاللام في الكتاب للعهد، إما للتوراة والإنجيل، أو للإِنجيل فقط، قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} [القصص: 52]، ثم قال: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص: 54].
(آمن بنبيه) تنبيهٌ على أنَّ هذا سبَب أحَد الأَجرَين، وإلا فلا يكون من أهل الكتاب، وعُلم من استئنافه منه أنَّ إيمانه كان قبْل البِعثة؛ لأنَّ بعد البِعْثة لا نبيَّ له إلا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
(المملوك) قيدٌ للعبد؛ لأن كل الناس عباد الله، وإنما عرِّف (العبد)، ونُكِّر (رجلٌ) في الموضِعَين الآخَرين؛ لأنَّ المعرَّف بلام الجِنْس كالنَّكرة في المعنى، وكذا الإتْيان في العبْد بـ (إذا) دون القِسْم الأول؛ لأنَّها ظرفٌ، وآمَن حالٌ، وهي في حُكم الظَّرف؛ لأنَّ معنى جاء زيدٌ راكبًا: جاءَ في حالَة رُكوبٍ، أو يُقال: في وجه المُخالفة الإشعار بفائدةٍ عظيمةٍ، وهي أن الإيمان بنبيِّه لا يُفيد الاستِقبال للأجرين، بل لا بُدَّ من الإيمان في عهده حتى يستحقَّ أجرَين، بخلاف

الصفحة 19