كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 2)

(أتجزي) بفتحِ أوَّله بلا همزٍ، أي: تَقضِي، قال تعالى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48]، وروي: (أتَقضِي).
(صلاتَها) بالنَّصب مفعولُ (تَجزِي) أو (تَقضِي) لا مرفوعٌ على الفاعلية، فإنَّها لَم تُصلِّ بعدُ حتى تسأَلَ عن الاكتفاءِ بِها إنَّما سألت عن لُزومِ القَضَاءِ بعدَ الطُّهرِ، أمَّا ضمُّ التَّاء في (تُجزئُ) والهمزُ؛ على أنَّه من (أَجزَأَ) الرُّباعِيِّ فلا معنَى له هنا كما قررتُه في الذي قبلَه.
قال (ك): إنَّ الهمزَ رُوِيَ.
(أحرورية) بفتحِ المهمَلة وضمِّ الرَّاء الأولى المخفَّفة، نسبةً إلى (حَرُوراء) قريةٌ بقُربِ الكوفَة، أوَّلُ اجتِماعِ الخَوارِجِ بِها وتعاقدِهم، فالمعنَى هنا: أخَارِجِيَّةٌ أنتِ، لأنَّ طائفةً منَ الخوارجِ يوجِبون على الحائضِ قضاء الصَّلاةِ الفائتة في زَمنِ الحَيض، وهو خلافُ الإجماعِ، كما حَكَى ذلك الزُّهرِيُّ وغيرُه، فالاستفهامُ إنكارِيٌّ.
(أنت) مبتدأٌ، خبَرُه: (حَرُوريَّة)، قُدِّمَ عليه للحَصرِ، أي: أنتِ حَرورِيَّةٌ لا غير.
قلت: ويجوزُ أن يكونَ فاعلًا للوَصفِ، والوصفُ مبتدَأٌ أغنَى عن خَبِرِه على خلافٍ مَشهورٍ في المَسألة، وفي بعضِها بنَصبِ (حَرُوريَّة) بتقديرِ فِعلٍ، أي: كُنتِ أو صِرتِ، ويكونُ (أنتِ) تأكيدًا.
(مع) المرادُ بالمعيَّة هنا معيةُ وجودِه أو عهدِه، أي: فكانَ مُطَّلِعًا على حالِهنَّ في تركِهِنَّ الصَّلاةَ زَمَن الحَيض، ولم يأمرهُنَّ بالقَضاء،

الصفحة 505