كتاب معركة النص (اسم الجزء: 2)

هذان العاملان يُختَصران في (بيان الحكم الشرعي) و (إقامة الدلائل والبراهين عليه)، ولئن كان علماء الإسلام هم الأقدر على الجانب الأول، فإن المعنى الثاني يحتاج لمشاركة فئات أخرى من المتخصصين في القانون والعلوم السياسية والفكر والاقتصاد وبقية العلوم المعاصرة لإقامة منظومة علمية متكاملة من المفاهيم والدلائل والتجارب التي تكشف تفوُّق النموذج الإسلامي؛ ليزول الغبش عمن في قلبه شيء، ويزداد الذين آمنوا إيمانًا.
فمعرفة الحكم الشرعي تختلف عن القدرة على البرهنة عليه، فليس أحدهما مرتبطًا بالآخر؛ فقدرة الإنسان على معرفة الحكم الشرعي لا تجعله قادرًا على المحاججة في إثباته وإقناع الناس به، إذ هذا قد يتطلَّب مهارات وعلومًا إضافية لا تكون موجودة لدى العالِم بالحكم، وهذا ما يستدعي ضرورة التكامل بين المتخصصين بالشريعة والمتخصصين في بقية المجالات ليقوم كلُّ أحدٍ منهم بواجبه الشرعي.
كما أنَّ عدم اقتناع المسلم بعقلانية حكم شرعيٍّ ما، أو قدرته على الإقناع به لا يجيز له تجاوزه وتركه ولو بدعوى أن الأحكام الشرعية لا تخالف العقل والمصلحة؛ لأنه ليس بالضرورة يكون مدركًا لكل هذه المصالح في هذه اللحظة، كما أن فهمه وإدراكه ليس هو الحاكم على العقل والمصلحة.
لا شيء سيحفظ هذه الحقوق ويحقق ضمانات عميقة لها مثل إدراجها ضمن مفاهيم الإسلام وأحكامه، فالمفاهيم والقيم المحكومة بالإسلام تتميز بخصائص عدة، منها ما يلي:
أولًا: أنها تكتسب صفة (الثبات) و (القطع) و (الوضوح) فتكون مفاهيمَ شرعيةً ربانيةً غير قابلة للنقاش؛ فلا تخضع لتصورات معاصرة أو اجتهادات لاحقة،

الصفحة 141