كتاب معركة النص (اسم الجزء: 2)

2 - الضعف العلمي الذي يبتدئ معه الشاب بالقراءة المباشرة لدراسات دقيقة في الفكر والفلسفة من دون أن يكون لديه أي مخزون معرفي يستطيع به محاكمة هذا النتاج المتخصص.
3 - إضعاف نفسية الشاب بتفكيك أصوله والتشكيك فيها، وتضخيم مثل هذه الدراسات، وتعظيم عبقرية أصحابها، وهو ما يجعله يستسلم لها سريعًا، فيأنف بعقله أن يقلد علماء الإسلام وأئمته الكبار ليقلد -بكل ثقة واستقلال- طائفة من الحيارى التائهين.
حين تجتمع هذه الخصائص الثلاث فإنك تكون في محضن بيئة دافعة للانحراف، أيًا ما كانت هذه البيئة؛ فقد تكون قناة فضائية أو صحبة معيَّنة أو منتدى ثقافيًا أو مدرسة أو أي شيء آخر؛ فهي تهز أصول الشاب، وتسخر من يقينه ثم ترمي به في مزالق المنظومات الفكرية المختلفة بعد أن فككت مرتكزاته الفكرية التي كان يعتمد عليها، ثم لا يدري أحد بعدها عند أي منحدر انحراف سيقف.
أعرف أن ثَمَّ من يهز شفتيه استخفافًا من أي حديث عاقل يتحفظ من الانفتاح الفوضوي؛ بدعوى أنه خطاب تجاوزه الزمن لأن الانفتاح الآن لا حدود له ولا يملك أحد أن يسيطر على قراءة الشباب.
حقًا، لا يملك أحد أن يسيطر على قراءات الشباب، لكنه يملك أن يُظهِر لهم نصحَه وشفقتَه ويعلن لهم المآلات التي تسير إليها خطواتهم، لتستجيب لها فئة (لعلها هي الأكثر) ولتكون الفئة الأخرى على حيطة من أمرها قبل أن تحكى في أخبارها الذكريات، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه.

الصفحة 30