كتاب معركة النص (اسم الجزء: 2)

ويهاجم المسلك العلماني الجديد بأن (استخدام الرموز الدينية لأغراض غير دينية أمر مشكوك بفاعليته، إذ أن مجالات تأويلاته الأخرى أوسع وأرحب وأكثر انغراسًا في الثقافة الدينية) (¬1).
وتحدث بنبرة حزن عن آثار الحملة الواعية ضد الفكر العلماني (كانت لهذه الحملة على العلمانية عمومًا وعلى طه حسين وعلي عبد الرازق بوجه الخصوص نتائج كثيرة، كانت اثنتان منها على قدر كبير من الأهمية بالنسبة إلى موضوع كتابنا هذا، وهما ضمور الإصلاحية الإسلامية وجمودها على بعض لحظات بدايتها والتأكل الداخلي في مواقف بعض العلمانيين الليبراليين) (¬2).
هذا كله يضع المشروع الإسلامي للإصلاح في موضع قوة، ويضعه في موقع تحدٍ أيضًا، فهو قوة للمشروع الإسلامي حيث تخلى -غالبًا- خصوم المشروع الإسلامي عن المناكفة الصريحة لأحكام الإسلام وصاروا يقرون ظاهرًا بأحكام الإسلام، لكن هذه القوة في ضمنها تحدٍ كبير وعميق، حيث أصبحت بقية المشاريع المناهضة للمشروع الإسلامي تقدم نفسها -صدقًا أو نفاقًا- داعمة للمشروع الإسلامي، بما يتطلب ضرورة الاستمساك بالمشروع الإسلامي، مع ضرورة إبرازه وإظهار كافة أوجه التحريف التي تعبث بمساره، وهو تحدٍ مضاعف، فلئن كان المطلوب سابقًا أن تحشد الناس على دعم المشروع الإسلامي، فإن الواجب الآن هو حشدهم مع شرح حقيقة هذا المشروع ولماذا كان إسلاميًا دون غيره.
ويزيد التحدي تعقيدًا واشتباكًا أن الواقع المعاصر في كثير من دول المسلمين لا يمكن من خلاله تطبيق كافة أحكام الإسلام أو يترتب على تطبيق بعض أحكامه
¬__________
(¬1) العلمانية لعزيز العظمة، 296.
(¬2) العلمانية لعزيز العظمة، 235.

الصفحة 7