كتاب معركة النص (اسم الجزء: 2)

فالسعي إلى تأويل الحكم الشرعي بدلًا من رفضه، وطبيعة الواقع الذي قد يتعذر فيه تطبيق بعض أحكام الشريعة، وتسرب هذه المفاهيم إلى الإسلاميين، هي تحديات عميقة ومتجددة على المشروع الإسلامي، يجب أن تأخذ حقها بعلم وعدل، لأن المشروع الإسلامي يستمد قوته وعمقه في المجتمعات المسلمة من انطلاقه من الإسلام وأحكامه، وبقدر ما يبتعد عن ذلك بقدر ما يتخلى عن ميزته وخاصيته، فلا معنى لبقائه (مشروعًا إسلاميًا) وهو قد تخلى عنه، وهذا ما دفع بعض الإسلاميين ليطالب بإعادة التقسيم بدلًا من ثنائية إسلامي وغير إسلامي، إلى وطني وغير وطني، أو إصلاحي ومحافظ، ونحو هذه التقسيمات التي تترجم إشكالية تخلي بعض الإسلاميين عن ميزتهم الإسلامية فما عاد ثم معنى لاحتكارهم لاسمٍ ليس له أثر يذكر!
وهذا المشهد يقتضي مزيد العناية بتعميق الأصول الشرعية، ودفع الإشكالات المثارة عليها، وتصحيح الرؤى المنحرفة عنها، وتبصير الناس بالحدود الفاصلة بين الاجتهاد السائغ في الشريعة الإسلامية والاجتهاد غير السائغ، وتحديد المنهجية الشرعية الواجبة في تلقي النص وفهمه والعمل به.
ولأن أكثر الإشكالات والتأويلات المعاصرة تتجه نحو الأحكام الشرعية السياسية جاء عامة ما في هذه المشاركة المتواضعة في بحث عددٍ من القضايا السياسية راجيًا أن يكون في ذلك شيء من المساهمة في تعميق حاكمية الشريعة التي بها صلاح كافة شؤون العباد في فى دينهم وفى دنياهم.
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

الصفحة 9