كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 2)

عُثْمَانَ هَذَا، فَقَدْ كَانَ يَوْمَئِذٍ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ إِلَّا بَعْدَ الحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ تَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ نَفَاسَةِ مَعْدَنِ العَرَبِ، وَفَضائِلِهِمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَلَا سِيَّمَا خُلُقَ المُرُوءَةِ وَالنَّجْدَةِ، وَحِمَايَةِ الضَّعِيفِ، فَقَدْ أَبَتْ عَلَيْهِ مُرُوءَتُهُ وَخُلُقُهُ العَرَبِيُّ الأَصِيلُ أَنْ يَدَعَ امْرَأَةً شَرِيفَةً تَسِيرُ وَحْدَهَا فِي هَذِهِ الصَّحْرَاءَ المُوحِشَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ، فَأَيْنَ مِنْ هَذِهِ الأَخْلَاقِ -يَا قَوْمِي المُسْلِمِينَ وَالعَرَبَ- أَخْلَاقُ الحَضَارَةِ فِي القَرْنِ العِشْرِينَ، مِنْ سَطْوٍ عَلَى الحُرِّيَّاتِ، وَاغْتِصَابٍ لِلأَعْرَاضِ، بَلْ وَعَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ (¬1).

* هِجْرَةُ عَامِرِ بنِ رَبِيعَةَ وَزَوْجِهِ:
ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ المَدِينَةَ بَعْدَ أَبِي سَلَمَةَ: عَامِرُ بنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَهِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ قَدِمَت المَدِينَةَ (¬2)

* هِجْرَةُ بَنِي جَحْشٍ:
ثُمَّ هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بنَ جَحْشٍ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ، احْتَمَلَ
¬__________
(¬1) انظر السيرة النبوية للدكتور محمد أبو شهبة رحمه اللَّه (46111).
(¬2) أخرج ذلك الحاكم في المستدرك - رقم الحديث (6978) - وابن إسحاق في السيرة (2/ 83).
ذكرْنَا قبلَ قَلِيلٍ أن أُمَّ سلمَةَ رضي اللَّه عنها هي أوَّل امرَأَةٍ هاجرَت إلى المدينة، ويمكن الجمع بين الروايتين بأن لَيْلى أول امرأةٍ قَدِمت مع زوجها، وأم سلمة أولُ امرأةٍ قَدِمت وَحْدَها.

الصفحة 16