كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 2)

قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: فَلَعَلَّ بَقِيَّةَ العِشْرِينَ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِهِمْ (¬1).
رَوَى ابنُ إِسْحَاقَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: اتَّعَدْتُ (¬2)، لَمَّا أَرَدْنَا الهِجْرَةَ إِلَى المَدِينَةِ، أَنَا وَعَيَّاشُ بنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بنُ العَاصِ بنِ وَائِلٍ السَّهْمِىِّ التَّنَاضُبَ (¬3) مِنْ أَضَاةِ (¬4) بَنِى غِفَارٍ، فَوْقَ سَرْفٍ (¬5)، قُلْنَا: أَيُّنَا لَمْ يُصْبحْ عِنْدَهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ. قَالَ: فَأَصْبَحْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بنُ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التَّنَاضُبِ، وَحُبِسَ عَنَّا هِشَامٌ، وَفُتِنَ فَافْتَتَنَ (¬6).
وَهَذَا الخَبَرُ الصَّحِيحُ فِي هِجْرَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- يُخَالِفُ الخَبَرَ الضَّعِيفَ المَشْهُورَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه- أَعْلَنَ هِجْرَتَهُ، وَقَالَ لِلْمُشْرِكِينَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ تَثْكَلَهُ أُمُّهُ، أَوْ يُؤْتَمَ وَلَدُهُ، أَوْ تُرَمَّلَ زَوْجَتُهُ، فَلْيَلْقَنِي وَرَاءَ هَذَا الوَادِي. . . القِصَّةَ (¬7).
¬__________
(¬1) انظر فتح الباري (7/ 677).
(¬2) اتَّعَدْتُ: أي تَوَاعَدْتُ. انظر لسان العرب (15/ 342).
(¬3) التَّنَاضُبُ: اسم مكان.
(¬4) الأضَاةُ: الماء المُسْتَنْقَعِ من سَيْلٍ أو غيره. انظر لسان العرب (1/ 157).
(¬5) سَرِف: بكسر الراء، موضع من مكة على عَشرة أميال، وفي منطقة سَرِف قَبْر أم المؤمنين مَيْمُونة زوجة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر النهاية (2/ 326).
(¬6) أخرج ذلك: ابن إسحاق في السيرة (2/ 88) - وأورده الحافظ في الإصابة (6/ 423) - وصحح إسناده.
(¬7) أخرج هذا الخبر: ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 324) - وابن عساكر في تاريخه كما ذكر الصَّالحي في سيرته (3/ 225).

الصفحة 20