كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)
403 - حَدَّثني أبي [رحمه الله] (¬1)، حدثنا أبو عمار (¬2)، حدثنا وكيع، عن علي بن المبارك (¬3)، عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد وقال فيه: قال جابر: ألا أُخْبِرُكَ بما خَبَّرَنا (¬4) رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال في آخره: "فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ شَيْئًا فَجُئِثْتُ (¬5) منه، فَأَتَيْتُ خديجةَ فقلتُ: دَثِّرُوني، فَدَثَّرُوني، وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا ... " إلى آخره (¬6).
¬_________
(¬1) ما بين معقوفتين من (ط) و (ك)، وانظر: ح (54).
(¬2) في (م): "أبو عامر" ولعله سبق قلم، وهو: الحسين بن حُرَيث بن الحسن الخزُاعي المروزي.
(¬3) الهُنَّائي -بضم الهاء، وتخفيف النون، ممدود- البصري، ثقة، غير أن أبا داود قال: "كان عند علي بن المبارك كتابان عن يحيى بن أبي كثير؛ كتاب سماع، وكتاب إرسال، فقلت لعباس العنبري: كيف يعرف كتاب الإرسال؟ فقال: الذي عند وكيع عن علي عن يحيى عن عكرمة، قال: هذا من كتاب الإرسال، قال: وكان الناس يكتبون كتاب السماع".
قال الحافظ ابن حجر -في التقريب بعد أن وثقه وذكر الكلام السابق-: "فحديث الكوفيين عنه فيه شيءٌ"، وكذا نقل في "الهدي" عن عباس العنبري أنه قال: "الذي عند وكيع عنه من الكتاب الذي لم يسمعه" هكذا أطلق الحافظ في النقل عنه! وما سبق نقله عن أبي داود هو في سؤالات الآجري، وقد قيده العنبري هناك بحديثه عن يحيى عن عكرمة، وليس هذا من حديث يحيى عن عكرمة، وقد أخرج البخاري هذا الحديث من طريق وكيع كما سيأتي في التخريج.
انظر: سؤالات الآجري لأبي داود (ص: 308)، تهذيب الكمال (21/ 111)، هدي الساري لابن حجر (ص: 452)، التقريب (4787).
(¬4) في (ط) و (ك) "حدَّثنا" بدل "خبَّرنا".
(¬5) في (ط) و (ك): "فجثئت"، وانظر ما سبق في ح (397).
(¬6) أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير- باب: {سورة المدثر} (الفتح =
-[32]- = 8/ 545 ح 4922) من طريق وكيع عن علي بن المبارك به.
وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بدء الوحي إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (1/ 145 ح 258) من طريق عثمان بن عمر عن علي بن المبارك به.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/ 306) عن وكيع عن علي بن المبارك به.
فائدة الاستخراج:
ذكر المصنِّف لفظ هذه الرواية تامًّا، واقتصر مسلم على قوله: "فإذا هو جالسٌ على عرش بين السماء والأرض".
تنبيه:
حديث جابر هذا يدلُّ على أنه كان يرى أن أول سورة أنزلت هي: المدَّثِّر -وهو خلاف المشهور المعروف- وعلَّق عليه النووي بقوله: "ضعيفٌ بل باطل، والصواب أن أول ما أنزل على الإطلاق: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} كما صرَّح به في حديث عائشة رضي الله عنها، وأما: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} فكان نزولها بعد فترة الوحي كما صرَّح به في رواية الزهريّ عن أبي سلمة عن جابر، والدلالة صريحة فيه في مواضع منها قوله: "وهو يحدِّث عن فترة الوحي" إلى أن قال: "فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)}، ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا المَلَك الذي جاءني بحراء" ثم قال: "فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} "، ومنها قوله: "ثم تتابع الوحي" يعني بعد فترته، فالصواب أن أول ما نزل: {اقرأ}، وأن أول ما نزل بعد فترة الوحي: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} ".
وقال الحافظ ابن حجر: "رواية الزهريّ عن أبي سلمة عن جابر تدلُّ على أن المراد بالأولية في قوله: "أول ما نزل سورة المدَّثِّر" أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي، أو مخصوصة بالأمر بالإنذار، لا أن المراد أنها أولية مطلقة".
انظر: شرح مسلم للنووي (207)، فتح الباري لابن حجر (8/ 546).