كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)

بَابُ (¬1) إِبَاحَةِ المسْحِ عَلَى العِمَامَةِ إِذا مَسَحَهَا مَعَ نَاصِيَتِهِ وَعَلَى الخِمَارِ
¬_________
(¬1) كلمة "باب" ليست في (ط) و (ك).
783 - حدّثنا يوسف القاضي (¬1)، حدّثنا مُسدَّد، حدّثنا يزيد بن زُرَيع، حدّثنا حمُيدٌ الطويل (¬2)، حدّثنا بكر بن عبد الله المزني (¬3)، عن حمزة بن
-[537]- المغيرة بن شُعبَةَ، عن أبيه قال: تَخَّلفَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَتَخَلَّفْتُ مَعَه فلمَّا قضى حاجتَه قال: "أمعك ماء؟ "، فَأَتَيتُهُ بِمطهرةٍ فَغَسَلَ كَفَّيه وَوَجْهَهُ، وذَهبَ يَحْسِرُ عن ذِرَاعَيهِ فَضَاق كُمُّ الجُبَّةِ فأخْرَجَ يَدَيهِ مِن تحت الجُبَّةِ، وألقى الجُبَّةَ عَلى مَنْكِبَيهِ فَغَسلَ ذِرَاعَيهِ وَمَسح بِنَاصِيَتِهِ وَعَلى العِمَامَةِ وَمَسَحَ على الخُفَّينِ، فَرَكِبَ وَركَبتُ مَعَه (¬4)، فانتهى إلى القوم وقد قَامُوا إلى الصَّلاةِ يُصَلِّي بهم عبد الرّحمن بن عَوف وَقَد رَكَعَ رَكْعَةً، فلما حَسَّ (¬5) بالنَّبيِّ ذَهَبَ يَتَأَخَّر، فَأَومَئَ إِليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بهم، فلما سَلَّمَ قامَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمتُ فَرَكَعْنَا الرَّكعَةَ التي سُبِقْنَا (¬6).
¬_________
(¬1) يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدري مولاهم القاضي البغدادي.
(¬2) لم ترد نسبته: "الطويل" في (ط) و (ك)، وهو حمُيد بن أبي حمُيد الطويل، أبو عبيدة الخُزاعي مولاهم البصري، وقد اختلف في اسم أبي حمُيد فقيل: تير، وقيل: تيرويه، وقيل: طرخان، وقيل: مخلد، وقيل: مهران، وقيل غير ذلك.
ثقة، مخرَّجٌ له في الكتب الستة، غير أنه مدلِّسٌ وخاصة عن أنس، وقالوا: إن معظم أحاديثه عن أنس إنّما هو عن ثابتٍ وقتادة عنه، وله في البخاريّ أحاديث يرويها عن أنس مباشرة، وذكره العقيلي، وابن عدي في الضعفاء من أجل تدليسه.
ورمز له الذهبي: "صح"، وقال: "ثقة، جليل، يدلِّس"، ثمّ قال أيضًا: "أجمعوا على الاحتجاج به إذا قال سمعت، وقد أورده العقيلي، وابن عدي في الضعفاء".
وقد جعله الحافظ في المرتبة الثّالثة من المدلِّسين، وقال في "هدي الساري": "مشهورٌ من الثقات المتفق على الاحتجاج بهم إِلَّا أنه كان يدلِّس حديث أنس، وكان سمع أكثره من ثابت وغيره من أصحابه"، وقد صرَّح هنا بالتحديث، فالحمد لله.
الضعفاء للعقيلي (1/ 266)، الكامل لابن عدي (682)، تهذيب الكمال للمزي (7/ 355)، الميزان للذهبي (1/ 610)، هدي الساري (ص: 419)، وتعريف أهل التقديس لابن حجر (ص: 86).
(¬3) أبو عبد الله البصري.
(¬4) قوله: "معه" ليست في (ط) و (ك).
(¬5) كذا في جميع النسخ، وفي صحيح مسلم: "فلما أحسَّ" بالهمزة في أولها.
قال ابن الصلاح: "هو لغةٌ قليلةٌ في: أحسَّ".
انظر: صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 126).
(¬6) أخرجه مسلم في كتاب الطّهارة -باب المسح على الناصية والعمامة (1/ 230 ح 81) عن محمّد بن عبد الله بن بَزيع، عن يزيد بن زُريع، عن حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، غير أنه قال: عن عروة بن المغيرة بن شعبة بدل حمزة بن المغيرة بن شعبة.
وأخرجه النسائي في السنن -كتاب الطّهارة- باب المسح على العمامة مع الناصية (1/ 76) عن عمرو بن علي الفلاس، وحمُيد بن مَسعدة كلاهما عن يزيد بن زُريع، عن حُميد، عن بكر بن عبد الله المزني، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه به.
وأخرجه الدارمي في السنن -كتاب الصّلاة- باب السنة فيمن سبق ببعض الصّلاة (1/ 353 ح 353) عن مسدد، عن يزيد بن زُريعٍ، عن حمُيدٍ، عن بكر بن عبد الله =
-[538]- = المزني، عن حمزة بن المغيرة به.
فمسددٌ -كما عند المصنِّف والدارمي-، وعمرو الفلاس، وحُميد بن مَسعدة -كما عند النسائي- يروونه عن يزيد بن زريع، عن حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه به.
ويخالفهم محمّد بن عبد الله بن بَزيعٍ -كما رواه عنه مسلم- فيرويه عن يزيد بن زُريع، عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه به.
وقد انتقد النقاد كالدارقطني، وأبي مسعود الدمشقي وغيرهما إسناد مسلم الّذي فيه: بكر بن عبد الله المزني، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، وقالوا: إن الصواب في هذا الإسناد هو: بكر بن عبد الله المزني، عن حمزة بن المغيرة بن شعبة، أي كما رواه المصنِّف.
والدارقطني رحمه الله تعالى عزا الوهم إلى محمّد بن عبد الله بن بَزيع -وهو الظّاهر-، وأمّا أبو مسعود الدمشقي فقال: "هكذا يقول مسلم في حديث ابن بَزيع، عن يزيد بن زُريع، عن عروة بن المغيرة، وخالفه النَّاس فقالوا: حمزة بن المغيرة".
وقال القاضي عياض: "حمزة بن المغيرة هو الصّحيح عندهم في هذا الحديث، وإنّما عروة بن المغيرة في الأحاديث الأخر، وحمزة وعروة ابنان للمغيرة، والحديث مرويٌ عنهما جميعًا، لكن رواية بكر بن عبد الله المزني إنّما هي عن حمزة بن المغيرة، وعن ابن المغيرة غير مسمى، ولا يقول بكرٌ: عروة، ومن قال: عروة عنه فقد وهم".
والظاهر أنَّ ما ذهب إليه الدارقطني والقاضي عياض هو الصواب، وقد رجَّحه أيضًا الشّيخ أحمد شكر في تعليقه على سنن التّرمذيّ، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي.
فائدة الاستخراج:
أخرج مسلم الحديث من وجهٍ انتقده النقاد فيه، وإخراج المصنِّف له على الصواب من فوائد الاستخراج. =
-[539]- = انظر: سنن التّرمذيّ (1/ 170)، التتبُّع للدارقطني (ص: 215 - 216)، شرح مسلم للنووي (3/ 171)، بين الإمامين مسلم والدراقطني للشيخ ربيع المدخلي (ص: 83 - 91).

الصفحة 536