كتاب معجم التوحيد (اسم الجزء: 2)

واستدل أصحاب القول الثاني بحديث أبي عبيدة بن الجرَّاح - رضي الله عنه - قال: آخرُ ما تكلَّم به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أخرجوا يهودَ أهل الحجاز، وأهل نجران من جزيرة العرب، واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (¬١).
وفي رواية: "أخرجوا اليهودَ من الحجاز" (¬٢).
وقالوا إن الحديث وإن ورد فيه الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، إلا أن المراد بعض الجزيرة لا كلها، بدليل أن عمر - رضي الله عنه - أخرج يهود خيبر وفدك ولم يخرج أهل تيماء، وهي من جزيرة العرب، فإن عمر - رضي الله عنه - لما تولى الخلافة كان يهود في خيبر وال نجران في نجران والمجوس في هجر واشتغل بالفتوحات خارج جزيرة العرب فتح فارس والشام، ومصر وقبرص، وأخرج عمر - رضي الله عنه - يهود خيبر لما نقضوا العهد، وأبقى يهود اليمن، ومجوس الأحساء.
قال مالك: عمرُ أجلى أهل نجران ولم يُجلوا من تيماء؛ لأنها ليست من بلاد العرب، فأما الوادي فإني أرى إنما لم يُجل من فيها من اليهود أنهم لم يروها من أرض العرب" (¬٣).
وفي شرح مسلم عند ذكر إجلاء عمر لليهود من خيبر، وفيه: (فأجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء) قال النووي: "وفي هذا دليل أن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراج اليهود
---------------
(¬١) أخرجه الإمام أحمد في (المسند) (٣/ رقم ١٦٩١/ ٢٢١) والبخاري في (التاريخ الكبير) (٤/ ٥٧) والدارمي في (السنن) (٢/ ٢٣٣) وأبو يعلى الموصلي في (المسند) (٢/ رقم ٨٧٢/ ١٧٧) والبيهقي في (الكبرى) (٩/ ٢٠٨) من طرقٍ عن يحيى بن سعيد عن إبراهيم بن ميمون ثنا سعد بن سمرة بن جندب عن أبيه به. وإسناده صحيحٌ، وصححه الإمام ابن عبد البر في (التمهيد) (١/ ١٦٩) والعلامة الألباني في (الصحيحة) رقم ١١٣٢.
(¬٢) [تلخيص الحبير ١٢ - ٢٣١١].
(¬٣) السنن) (كتاب الخراج) (باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب) (٣/ رقم ٣٠٣٣/ ٤٢٥) وانظر (شرح السنة) للبغوي (١١/ ١٨٠) (التمهيد) (١/ ١٦٩ - ١٧٣).

الصفحة 23