قال الحسن البصري: "ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين" (¬١)، وإنما استثنى إبليس من الملائكة لأنه كان مأمورًا بالسجود معهم وكان لشدة عبادته وبعده عن المخالفة قبل أن يعصي الله شبيهًا بالملائكة فأخذ حكمهم.
قال ابن كثير: "وذلك أنه كان قد توسم بأفعال الملائكة وتشبه بهم وتعبَّد وتنسك فلهذا دخل في خطابهم وعصى بالمخالفة" (¬٢).
فجاء الأمر على تغليب الأكثر وهم الملائكة.
وقال بعض أهل العلم أن إبليس من الملائكة وجمهور أهل العلم على أنه من الجن وهو القول الصحيح (¬٣).
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "أنه كان منهم - أي من الملائكة - باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله ولا باعتبار مثاله" (¬٤).
والذي يرتبط ببحثنا هنا أمور كثيرة تتعلق بالجن: من ذلك استخدام الكهنة والعرافين والسحرة للجن، ومن ذلك معرفة عجزهم عن معرفة الغيب وعجزهم عن الإتيان بالمعجزات كما أنهم لا يسّمعون إلى الملأ الأعلى (¬٥) بعد ما حرست السماء قال تعالى: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: ٩]، وكذلك الإيمان بأن لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥)} [الإسراء: ٦٥].
---------------
(¬١) جامع البيان لابن جرير الطبري ١/ ٢٢٦ عند تفسير الآية ٣٤ من سورة البقرة، البداية والنهاية لابن كثير ١/ ٨٠، وتفسير ابن كثير ٣/ ٩٣.
(¬٢) تفسير ابن كثير آية ٥٠ من سورة الكهف.
(¬٣) انظر فتوى اللجنة في مجلة البحوث الإسلامية العدد ٤٠ ص ٩٩.
(¬٤) الفتاوى ٤/ ٣٤٦ انظر للاستزادة حول هذا الموضوع كتاب الجن في القرآن والسنة إعداد ولي زار بن شاه الدين. دار البشائر الإسلامية.
(¬٥) انظر باب (الكهانة) حراسة السماء بعد البعثة.