كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت محيي الدين عبد الحميد (اسم الجزء: 2)

ومما ينخرط في هذا السلك قول بعضهم:
مخصّرة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن ممّا زيّنتها عقودها
أخذه أبو تمام؛ فقال:
كأنّ عليها كلّ عقد ملاحة ... وحسنا وإن أضحت وأمست بلا عقد
ثم أخذه البحتري؛ فقال:
إذا أطفأ الياقوت إشراق وجهها ... فإنّ عناء ما توخت عقودها
أمثال هذا كثيرة، وفيما أوردناه مقنع.
الضرب الثامن من السلخ:
وهو أن يؤخذ المعنى ويسبك سبكا موجزا.
وذلك من أحسن السرقات؛ لما فيه من الدلالة على بسطة الناظم في القول، وسعة باعه في البلاغة؛ فمن ذلك قول بشار:
من راقب النّاس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج
أخذه سلم الخاسر، وكان تلميذه، فقال:
من راقب النّاس مات غمّا ... وفاز بالّلذّة الجسور
فبين البيتين لفظتان في التأليف:
ومن هذا الأسلوب قول أبي تمام:
برّزت في طلب المعالي واحدا ... فيها تسير مغوّرا ومنجّدا
عجب بأنّك سالم في وحشة ... في غاية ما زلت فيها مفردا «1»

الصفحة 368