كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت محيي الدين عبد الحميد (اسم الجزء: 2)
ومن ذلك قوله تعالى: فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا
أي: فضرب فانفجرت منه، فاكتفى بالمسبب الذي هو الانفجار عن السبب الذي هو الضرب.
الضرب الثالث:
وهو الإضمار على شريطة التفسير، وهو أن يحذف من صدر الكلام ما يؤتى به في آخره؛ فيكون الآخر دليلا على الأول.
وهو ينقسم ألى ثلاثة أوجه:
الأول: أن يأتي على طريق الاستفهام، فتذكر الجملة الأولى دون الثانية،
كقوله تعالى: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين
تقدير الآية: أفمن شرح الله صدره للإسلام كمن أقسى قلبه، ويدل على المحذوف قوله: فويل للقاسية قلوبهم.
الوجه الثاني:
يرد على حدّ النفى والإثبات، كقوله تعالى: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا
تقديره: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن أنفق من بعده وقاتل، ويدل على المحذوف قوله: أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا.
الوجه الثالث:
أن يرد على غير هذين الوجهين؛ فلا يكون استفهاما، ولا نفيا وإثباتا، وذلك كقول أبي تمام «1» :
يتجنّب الآثام ثمّ يخافها ... فكأنّما حسناته آثام
وهذا البيت تختلف نسخ ديوانه في إثباته؛ فمنها ما يجيء فيه:
يتجنّب الأيّام خيفة غيّها ... فكأنّما حسناته آثام