كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 2)

المشي إلى مكة غلب في معنى علي المشي إلى الحج أو العمرة.
واتصال زمن مشيه المعتاد مطلوب: وتفريقه لعذر عفو لغيره فيه طرق.
اللخمي: روى محمد: إن مشى من الإسكندرية فأقام بمصر شهرًا، ثم بالمدينة شهرًا، ثم أتم عمرته أجزأه؛ يريد: وكذا في نذر مشي الحج معينًا، ومضمونًا كقول مالك وابن القاسم بعدم لزوم تتابع نذر صوم سنة، وعند ابن حبيب يأتي بالمشيم متتابعًا قال: كمن عليه صوم شهرين متتابعين، وهذا على أصله في لزوم تتابع نذر صوم سنة، وسمع ابن القاسم إن سار من وجب عليه شيء من الإسكندرية إلى الفسطاط؛ فأقام به شهرًا ثم مشى بعد ذلك فلا بأس به.
ابن رُشد: هذا إن حج من عامة ذلك، ولو أقام حتى حج من عام آخر لم يجزه على قول ابن حبيب فيمن ركب في مشيه من غير عذر على أن يقضيه في عام آخر.
التونسي: لو أقام ثلث الطريق سنة يستريح، ثم أقام بعد الثلث الثاني مدة كذلك، ثم مشى فقضى حجة لم يضره ذلك، وانظر هل يلزم على قول ابن حبيب فساده بالتفرقة أو إنما يقوله فين ركب بعد أن مشى في حجة.
اللخمي: قول مالك فيها: من ركب لعجز، ثم مشى ما ركب في عام آخر أهدى لتفريق مشيه نحو قوله ابن حبيب.
ابن رُشد: هو الآتي على قول ابن حبيب قالا: إذ لو جاز له التفريق لما كان عليه هدي.
قلت: ظاهر لفظ اللخمي أن خلاف ابن حبيب في التفريق الزماني نص، وظاهر كلام ابن رُشد أنه تخريج من التفريق بالركوب، وظاهر كلام التونسي أنه لا نص له في التفريق الزماني، ورد الصقلي قول ابن حبيب في التفريق بالركوب اختيارًا بقوله: لو أقام في كل منها أيامًا أجزأه مشيه بإجماع يقتضي موافقته عليه؛ فنقل اللخمي قول ابن حبيب إن أراد أنه نص له عورض بنقلي التونسي والصقلي، وإن أراد أنه تخريج له كنص ابن رُشد رد تخريجهما بأن التفريق بالركوب أشد من التفريق الزماني؛ لأن التفريق بالركوب تفريق بفعل ضد المطلوب الذي هو المشي والتفريق في الزمان إنما هو بترك المطلوب والترك أخف من الفعل؛ ولأن التفريق بالركوب في نسكين وبالزمان في نسك.

الصفحة 499