كتاب شرح منتهى الإرادات للبهوتي = دقائق أولي النهى ط عالم الكتب (اسم الجزء: 2)

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي مَكَّةَ: لَا تُبَاعُ رِبَاعُهَا وَلَا تُكْرَى بُيُوتُهَا» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ مَرْفُوعًا قَالَ: " «مَكَّةُ حَرَامٌ بَيْعُ رِبَاعِهَا، حَرَامٌ إجَارَتُهَا» رَوَاهُ سَعِيدٌ.
وَرَوَى " «أَنَّهَا كَانَتْ تُدْعَى السَّوَائِبَ عَلَى عَهْدِهِ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ذَكَرَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ (لِفَتْحِهَا عَنْوَةً) وَلَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَصَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَبِقَاعِ الْمَنَاسِكِ، وَدَلِيلُ فَتْحِهَا عَنْوَةً: خَبَرُ أُمِّ هَانِئٍ فِي أَمَانِ حَمَوَيْهَا، وَتَقَدَّمَ، «وَأَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ أَرْبَعَةٍ. فَقُتِلَ مِنْهُمْ ابْنُ خَطَلٍ وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ» ، فَإِنْ سَكَنَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَأْثَمْ بِدَفْعِهَا لِلْحَاجَةِ

(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مَاءٍ عِدٍّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ (كَ) مَاءِ (عَيْنٍ وَنَقْعِ بِئْرٍ) لِحَدِيثِ " «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» " رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَثْرَمُ وَيَصِحُّ بَيْعُ مَاءِ الْمَصَانِعِ الْمُعَدِّ لِمِيَاهِ الْأَمْطَارِ وَنَحْوِهَا إنْ عُلِمَ، لِمِلْكِهِ بِالْحُصُولِ فِيهَا

(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مَا فِي مَعْدِنٍ جَارٍ) إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَفَهُ غَيْرُهُ (كَقَارٍ وَمِلْحٍ وَنِفْطٍ) ; لِأَنَّ نَفْعَهُ يَعُمُّ فَلَمْ يُمْلَكْ، كَالْمَاءِ الْعِدِّ، فَإِنْ كَانَ جَامِدًا مُلِكَ بِمِلْكِ الْأَرْضِ وَيَأْتِي

(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (نَابِتٍ مِنْ كَلَإٍ وَشَوْكٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ) كَطَائِرٍ عَشَّشَ فِي أَرْضِهِ وَسَمَكٍ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ بِأَرْضٍ (مَا لَمْ يَحُزْهُ) ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْحَوْزِ (فَلَا يَدْخُلُ) شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (فِي بَيْعِ أَرْضٍ) ; لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُحَازَ (وَمُشْتَرِيهَا) أَيْ الْأَرْضِ (أَحَقُّ بِهِ) أَيْ بِمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ ذَلِكَ، لِكَوْنِهِ فِي أَرْضِهِ (وَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ) بِحَوْزِهِ (وَيَحْرُمُ دُخُولٌ لِأَجْلِ) أَخْذِ (ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ إنْ حُوِّطَتْ) الْأَرْضُ لِتَعَدِّيهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مِلْكِهِ بِالْحَوْزِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُحَوَّطْ (جَازَ) دُخُولُهُ لِأَخْذِهِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى الْإِذْنِ فِيهِ (بِلَا ضَرَرٍ) عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ.
فَإِنْ تَضَرَّرَ بِالدُّخُولِ حَرُمَ (وَحَرُمَ) عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ (مَنْعُ مُسْتَأْذِنٍ) فِي دُخُولٍ (إنْ لَمْ يَحْصُلْ) مِنْهُ (ضَرَرٌ) بِدُخُولِهِ، لِلْخَبَرِ (وَطُلُولٌ) بِأَرْضٍ (تُجْنَى مِنْهُ النَّحْلُ كَكَلَإٍ) فِي الْحُكْمِ (وَأَوْلَى) بِالْإِبَاحَةِ مِنْ الْكَلَإِ (وَنَخْلُ رَبِّ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ يَطُلْ فِي أَرْضِهِ ; لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ

الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ، وَكَذَا الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ. لِأَنَّ غَيْرَ الْمَقْدُورِ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَالْمَعْدُومِ.
(فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ) قِنٍّ (آبِقٍ) لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِهِ (وَ) لَا نَحْوِ جَمَلٍ (شَارِدٍ) عُلِمَ مَكَانُهُ أَوْ لَا، لِحَدِيثِ سلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» " وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: بِمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَظْهَرَ (وَلَوْ) كَانَ بَيْعُ آبِقٍ وَشَارِدٍ (لِقَادِرٍ عَلَى تَحْصِيلِهِمَا) ; لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ

الصفحة 11