كتاب شرح منتهى الإرادات للبهوتي = دقائق أولي النهى ط عالم الكتب (اسم الجزء: 2)

بِالْإِسْلَامِ بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ: أَسْلَمْتُ قَبْلَكِ فَلَا نَفَقَةَ لَكِ، وَقَالَتْ: بَلْ أَسْلَمْتُ قَبْلَهُ فَلِيَ النَّفَقَةُ، فَقَوْلُهَا وَلَهَا النَّفَقَةُ (أَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ) بِأَنْ جُهِلَ السَّبْقُ أَوْ عُلِمَ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا (فَقَوْلُهَا) فِي السَّبْقِ (وَلَهَا النَّفَقَةُ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُهَا وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَأَخُّرِ إسْلَامِهَا وَقَالَتْ: أَسْلَمْتُ فِي الْعِدَّةِ.
وَقَالَ: بَلْ بَعْدَهَا فَقَوْلُهُ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِفَسْخِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَكْسِهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَسْلَمْتُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مِنْ إسْلَامِي فَلَا نَفَقَةَ لَك فِيهِمَا، وَقَالَتْ: بَعْدَ شَهْرٍ، فَقَوْلُهُ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ (وَيَجِبُ الصَّدَاقُ بِكُلِّ حَالٍ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ وَسَوَاءٌ كَانَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ ; لِأَنَّ أُمَّ حَكِيمٍ أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ وَزَوْجُهَا عِكْرِمَةُ قَدْ هَرَبَ إلَى الْيَمَنِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأُقِرَّا عَلَى النِّكَاحِ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّارِ وَالدِّينِ فَلَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كِتَابِيَّةً بِدَارِ الْحَرْبِ صَحَّ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] .
(وَمَنْ هَاجَرَ إلَيْنَا بِذِمَّةٍ مُؤَبَّدَةٍ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَنْفَسِخْ (أَوْ) هَاجَرَ إلَيْنَا الزَّوْجُ (مُسْلِمًا أَوْ) هَاجَرَتْ إلَيْنَا الزَّوْجَةُ (مُسْلِمَةً وَالْآخَرُ) مِنْهُمَا (بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَنْفَسِخْ) نِكَاحُهُمَا بِالْهِجْرَةِ لِمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

[فَصْلٌ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَتَحْته أَكْثَر مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ فِي عِدَّتِهِنَّ]
فَصْلٌ وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَتَحْتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ فِي عِدَّتِهِنَّ (أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ) أَوْ كَانَ بَعْضُهُنَّ كِتَابِيَّاتٍ وَبَعْضُهُنَّ غَيْرَهُنَّ فَأَسْلَمْنَ فِي عِدَّتِهِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ إمْسَاكُهُنَّ كُلِّهِنَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ (اخْتَارَ وَلَوْ) كَانَ (مُحَرَّمًا أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَلَوْ مِنْ مَيِّتَاتٍ) ; لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ وَتَعْيِينٌ لِلْمَنْكُوحَةِ فَصَحَّ مِنْ الْمُحَرَّمِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَالِاعْتِبَارُ فِي الِاخْتِيَارِ بِوَقْتِ ثُبُوتِهِ فَلِذَلِكَ صَحَّ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ الْمَيِّتَاتِ ; لِأَنَّهُنَّ كُنَّ أَحْيَاءَ وَقْتَهُ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مُكَلَّفًا وَإِلَّا) يَكُنْ الزَّوْجُ مُكَلَّفًا (وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُكَلَّفَ) فَيَخْتَارَ مِنْهُنَّ ; لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا حُكْمَ لَهُ لِقَوْلِهِ وَلَا يَخْتَارُ عَنْهُ وَلِيُّهُ ; لِأَنَّهُ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِالشَّهْوَةِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ فِيهِ مَقَامَهُ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ وَسَوَاءٌ اخْتَارَ الْأَوَائِلَ أَوْ الْأَوَاخِرَ نَصًّا، لِمَا رَوَى قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ

الصفحة 686