كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 2)
الخير يريد أن يستبدَّ به من بين سائر الناس، هذا أيضًا داع إلى نفسه ليصرف وجوه الناس إليه، نسأل الله الحماية والعافية. أما إذا كان يودُّ أن يقوم هو بالأمر لينال الأجر لا ليحرم غيره أو ليصرف الناس إلى نفسه فهذا ليس عليه شيء، يعني كل واحد يحب أن يكون داعية إلى الخير.
٤ - أن اتباع الخير في كل شيء مطلوب للشرع.
والخير قسمان:
خير بنفسه وخير لغيره، يعني خير يكون وسيلة لغيره، فمثلًا: لو أنك سألت شخصًا عن المجريات اليومية من أجل إدخال السرور عليه، وأنت ما تستفيد من هذا، فهذا من الخير لغيره؛ لأنك ما تستفيد من هذا وهو ربما لا يستفيد لكن تريد أن تدخل السرور عليه، ومن ثَمَّ صار الناس يتساءلون: هل يسن للإنسان أن يتحدث على الأكل أو لا يسن؟ نقول: يُنظر إن كان الإنسان يتحدث ليشغلهم عن الأكل فهذا غير حسن، وإن كان يتحدث من أجل أن يشحذ نفوسهم على الأكل حتى ينبسطوا ويستأنسوا ويأكلوا، فهذا خير لغيره بشرط أن يكون الأكل بالقدر الشرعي. والقدر الشرعي بيَّنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" (¬١). لكن الخير لغيره يختلف، فلو أراد الإنسان أن يتوصل إلى خير بشرٍّ كأن يصانع
---------------
(¬١) رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل، رقم (٢٣٨٠). ورواه ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع، رقم (٣٣٤٩). ورواه أحمد في مسنده، رقم (١٦٧٣٥).
الصفحة 11
608