• قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: ١١٠].
قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
الخطاب لهذه الأمة، وقوله: {كُنْتُمْ} قيل: في علم الله وذلك لأن "كان" للمضي، ومعلوم أن هذه الأمة آخر الأمم فلا يمكن أن يتحدث عنها على أنها أمة بائدة، فمن ثَمَّ قال بعض العلماء: إن فعل المضي هنا باعتبار علم الله أي كنتم في علم الله خير أمة، وعلم الله سابق على وجود الأمم. وقيل وهو الصحيح: إن "كان" هنا ليست دالة على زمان، وإنما هي مبيِّنة لاتِّصاف المبتدأ بالخبر وتحقق وجوده فيه، وهذا هو الأصح، ولهذا أمثلة منها:
قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦].
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٨].
لا نقول: إن (كان) هنا تدل على المضي، وإن هذه صفة زالت عن الله تعالى، لا، لكنها مسلوبة الزمن تدل على تحقق اتصاف اسمها بما دل عليه خبرها.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}:
{خَيْرَ أُمَّةٍ} أي طائفة، وسبق لنا أن كلمة أمة تطلق في القرآن على أربعة معانٍ (¬١).
{خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يعني أخرجها الله تعالى وبيَّنها
---------------
(¬١) انظر (ص ٥).