كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 2)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
• ثم قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٤ - ١٠٥]:
قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} اللام في قوله: {وَلْتَكُنْ} لام الأمر، ودليل ذلك جزم الفعل بها {وَلْتَكُنْ} ولام الأمر تجزم الفعل المضارع {أُمَّةٌ} طائفة يدعون إلى الخير، والأمة في القرآن الكريم وردت على معان متعددة، منها الطائفة، ومنها الزمن، ومنها الإمامة، ومنها الملة، فمثالها في الطائفة هذه الآية {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}، ومثالها في الملة قوله: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: ٢٢]، أي على ملة، ومثالها في الإمامة {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: ١٢٠] ومثالها في الزمن: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: ٤٥]، أي بعد زمن.
{مِنْكُمْ} (مِنْ) يحتمل أن تكون للتبعيض، ويحتمل أن تكون لبيان الجنس، فعلى الأول يكون المعنى: وليكن بعضكم يدعو إلى الخير، وعلى الثاني: ولتكونوا جميعًا دعاة إلى الخير؛ لأننا إذا جعلناها لبيان الجنس صار المعنى أن كل الأمة يجب أن تكون من هذا الطراز، يعني: ولتكونوا أمة تدعون إلى الخير، وإذا جعلناها للتبعيض صار المعنى: وليكن بعضكم يدعو إلى الخير.
الصفحة 5
608