كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 2)

{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} و (اهدنا السراط المستقيم)، كلاهما قراءتان سبعيتان. إذن نأخذ من هذه الآية جواز التوسل بالإيمان، واستطردنا بذكر أقسام التوسل.
وهنا مسألة: هل شرك المشركين بآلهتهم من باب التوسل الممنوع أم ماذا؟
الجواب: ليس من التوسل، بل هو عبادة؛ لأنهم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، فهم يقصدون العبادة، يدعون هذه الأصنام ويركعون لها ويسجدون لها، وينذرون لها ويذبحون لها، فهذا ليس من باب التوسل، بل من باب القصد والغاية أن هذه الأصنام تعبد.
٨ - أن كل أحد محتاج لمغفرة الذنوب؛ لقوله: {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}. فلا تغرنك كثرة الطاعات، فالإنسان كلما كثرت طاعاته ينبغي أن يكون أخوف على نفسه من أن تُرد هذه الطاعات ويذهب عمله سدىً.
٩ - التفريق بين المعاصي؛ بعضها ذنوب، وبعضها سيئات، وهو كقولنا: إنها تنقسم إلى كبائر وصغائر، والكبائر والصغائر تختلف في ذاتها وتختلف فيما بينها، فالكبائر منها كبرى، ومنها صغرى. والصغائر منها ما يقرب من الكبائر، ومنها ما هو دون ذلك.
١٠ - جواز سؤال الموت على طريق أهل الخير؛ لقولهم: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}، وقد ذكرنا فيما سبق أن هذا ليس من باب الدعاء بالموت العاجل، وإنما من باب الدعاء بالموت على صفة مطلوبة، وهي أن يموت على ما مات عليه الأبرار، وذكرنا لهذا

الصفحة 563