كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 2)

قال: {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} كل من تتوجه الدعوة إليه، أي إنسان تتوجه الدعوة إليه فليدعوه حتى الجن، ولهذا كان المفعول محذوفًا من أجل العموم {الْخَيْرِ} كل ما جاء به الشرع فهو خير، ويشمل ما كان خيرًا في الدين وما كان خيرًا في الدنيا، أما ما كان خيرًا في الدين فأمره ظاهر {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] وأما ما كان من أمر الدنيا فلأن ما كان من مصالح الدنيا التي لا تعارض الدين فهو من الأمور الخيرية المطلوبة، فيكون الخير هنا يشمل خير الدين وخير الدنيا، فمثلًا يدعون إلى فعل الطاعات، صَلِّ، زكِّ، صُم، حُج، بر والديك، صِلْ أرحامك، انصح في البيع والشراء، بيِّن، وما أشبه ذلك، كل هذا دعوة إلى الخير. لا تزنِ، لا تسرق، لا تشرب الخمر، لا تقتل النفس بغير حق، لا تعق والديك، لا تقطع أرحامك، لا تغش الناس، هذا أيضًا دعوة إلى الخير؛ لأن النهي طلب كفٍّ فهو في الحقيقة دعوة إلى الخير؛ لأن ترك الشر خير.
{وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}:
جعل الأمر بالمعروف بعد الدعوة؛ لأن الدعوة سابقة على الأمر، فأنت تدعو أولًا ثم تأمر ثانيًا ثم تغير ثالثًا، وهذا يلتبس على كثير من الطلبة، يظنون أن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغيير المنكر شيء واحد، والأمر ليس كذلك، فالدعوة إلى الخير عامة. الخطيب إذا خطب الناس في الجمعة وأمر ونهى، يقال: داع إلى الخير، الرجل إذا قال: يا أخي صلِّ، اتق الله يا أخي، لا تغش الناس، اتق الله، فهذا أمر بمعروف ونهي عن منكر. ولي الأمر إذا رأى آلة عزف وكسرها

الصفحة 6