كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 2)
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم؟
قال: الآن قتلتني ثم أقدم حتى قُتل.
وذلك لأن الوصف الذي يتصف به الإنسان ويفخر به إذا لم يطبقه فعلًا فإنه كاذب في دعواه، فكأن الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا بإيمانكم افعلوا كذا).
{اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}:
{اصْبِرُوا} على كل ما يحتاج إلى صبر، ومعلوم أن الذي يحتاج إلى الصبر هو الذي يخالف هوى النفس؛ فالذي يخالف هواك هو الذي يحتاج إلى الصبر؛ لأنه يشق عليك تحمله، فطاعة الله عزّ وجل ثقيلة على النفوس فاصبر عليها، والمعاصي ثقيل تركها على النفوس فاصبر على الترك، والآلام والمصائب التي تصيب الإنسان ثقيلة على النفس فاصبر عليها.
فالمصائب التي تصيب الإنسان هي بنفسها مكفرة للذنوب، فإذا احتسب الإنسان أجرها على الله وانتظر بذلك ثواب الله كانت مع التكفير زيادة حسنات، والإنسان في الدنيا لابد أن يبتلى كما قال الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نُساء ويوم نُسر
لم تبقَ الدنيا لأحد زاهية مطلقًا أبدًا، وهذه من حكمة الله عزّ وجل يبتلي الإنسان بالنعم ويبتليه بالمصائب، قال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: ٣٥]، فعلى الإنسان أن يصبر على كل ما يخالف هواه، والصبر ثقيل على النفس متعب لها، ولكن الإنسان ينظر إذا صبر إلى ما أمامه، فإن النتيجة خير. {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠] إذا صبر فليبشر بالخير، وفي المثل (من صبر ظفر)، وفي الشعر:
الصفحة 601
608