كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 2)
هذا تغيير منكر، ولكلٍّ درجات. وكلمة (يأمرون) تدل على أنهم يتكلمون مع الناس على وجه الاستعلاء لا على وجه العلو، يعني على وجه أنني آمر، والآمر بالخير أعلى مرتبة من المأمور.
وقوله: {بِالْمَعْرُوفِ} المعروف كل ما عرفه الشرع وأقره من العبادات فعلًا؛ لأنه قال: {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، جمع بينهما، فصار المراد بالمعروف كل ما عرفه الشرع وأقره من العبادات المأمور بها، فالأمر بالتوحيد أمر بالمعروف، والأمر باتباع السلف في العقيدة أمر بمعروف، والأمر بالصلاة أمر بمعروف، والأمر ببر الوالدين أمر بالمعروف، وهلم جرا.
ثالثًا: {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}:
النهي طلب الكف على وجه الاستعلاء، يعني يطلبون من الناس أن يكفوا عن المنكر، والمنكر ما أنكره الشرع من الأعمال والأخلاق، فالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، والعدوان على الناس بأخذ أموالهم وانتهاك أعراضهم، كل هذه منكرات، فهم ينهون عن المنكر.
{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}:
(أولئك) المشار إليه الأمة الداعية إلى الخير، الآمرة بالمعروف، الناهية عن المنكر، وهي مبتدأ، و"هم" ضمير فصل لا محل له من الإعراب، والمفلحون خبر المبتدأ، فلو قال قائل: لماذا لا تجعلون "هم" مبتدأ ثانيًا، و"المفلحون" خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول؟ قلنا: لا نقول ذلك، لأننا لو قلنا ذلك لفاتتنا فوائد ضمير الفصل، ويدل لهذا قوله تعالى: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} [الشعراء: ٤٠] ووجه الدلالة أنه لم
الصفحة 7
608