كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 2)

يجعل ضمير الفصل مبتدأ، فلو جعل مبتدأ لقال (إن كانوا هم الغالبون) حتى تكون الغالبون خبر لـ"هم". و {الْمُفْلِحُونَ} هم الناجون من الكربات، الحاصلون على المطلوبات، فالفلاح هو النجاة من المكروبات أو من المكروهات والحصول على المطلوبات، ففيه أمران:
١ - سلامة.
٢ - وكسب.
ولهذا تعتبر كلمة الفلاح من أجمع الكلمات، فالمفلح هو الفائز بمطلوبه، الناجي من مرهوبه.
ثم قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}:
نهى الله أن نكون مثل هؤلاء الذين جمعوا بين وصفين ذميمين: التفرق والاختلاف، ورتَّب على هذا الجزاء المشين وهو قوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
قوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا} أي لا تصيروا مثل الذين، وعلى هذا فنعرب الكاف هنا اسمًا لتكون خبر (تكون): تكونوا مثل الذين تفرقوا، قال ابن مالك:
شبه بكاف وبها التعليل قد ... يعنى وزائدًا لتوكيد ورد
واستعمل اسمًا. فالكاف هنا اسم بمعنى مثل، وهي خبر "تكون".
وقوله: {كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا}: أتى بها بعد قوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} لأن الأمة إذا تركت الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الصفحة 8