كتاب تفسير العثيمين: المائدة (اسم الجزء: 2)

صاحبه، وهذا مثل قول الكفار: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: ٢٢] وإن كان فكرًا صوابًا فلا بد أن يكون في الإِسلام ولا يقتضي التحزبية.
لو قال قائل: الذين يجوزون التعدد الحزبي كيف يصوبون رأيهم والكتاب والسنة أمرا بعدم التفرق؟
الجواب: قل: اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه.
لو قال قائل: قوله تعالى: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، هذه الجملة فيها حصر لأن الغلبة لحزب الله عزّ وجل، لو أُورد علينا إِيرَادُ هذا القائل فإننا نجد أن المسلمين صارت عليهم هزائم وصارت الغلبة لأعدائهم حتى في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟
الجواب: المراد هم الغالبون باعتبار النهاية وغلبة غير المسلمين لا بد أن يكون لها حكمة، فمثلًا: في أُحُد سببها المخالفة والمعصية، وفي حنين سببها الإعجاب، فالله تعالى قد يُدِيلُ الكفار على المسلمين لحكمة، إما لتقصير المسلمين أو لغلوهم في أنفسهم أو لأي سبب لكن في النهاية تكون الغلبة لحزب الله، الذين هم أولياء الله.
الفائدة الخامسة: البشرى لحزب الله بالغلبة؛ فهم الغالبون على أعدالهم واقرأ قول الله تبارك وتعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣)} [الصف: ١٣] , بشر المؤمنين بأن لهم النصر.
* * *

الصفحة 61