كتاب تفسير العثيمين: المائدة (اسم الجزء: 2)

أبواب الفقه، يعني: مثلًا: إذا جعلوا باب الطلاق مثلًا موادًا فليس في هذا مشكلة، إلا إذا كانوا يريدون أن يلزموا القضاة بالحكم بها، سواء وافق اختيارهم أم لا؛ لأن مسائل الطلاق فيها خلاف، ومسائل النكاح فيها خلاف، وأشياء كثيرة، والعلماء ما زالوا مختلفين بدون قانون، فلا يجوز إلزام القاضي أن يحكم بشيء معين، حتى وإن كان عليه طائفة من الفقهاء.
لو قال قائل: ما رأيكم في قول بعض المعاصرين: إن المحكم الذي تبنى عليه الأصول والقواعد العامة في الشرع لا يتجاوز واحدًا في المائة، وأن المتشابه يقدر بتسع وتسعين في المائة، ولذلك نرى هذا الاختلاف الكبير بين الفقهاء؟
الجواب: أقول: هذا يدل على جهله، وأن كل شيء عنده مشتبه؛ لأنه لا يعرف، وإلا فالمتشابه لا يمثل واحدًا في المائة من أدلة الشرع، كلها والحمد لله واضحة وبينة، لكن الله يقول: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠].
قوله: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} اليهود مكذبون بجميع الرسل كافرون بجميع الرسل، وكذلك النصارى، واليهود سموا بذلك إما نسبة لأبيهم يهوذا أو أنها من قوله تعالى: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٦] فالذين هادوا أي: رجعوا، أما النصارى فقيل: إنها من النصرة؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام قال: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [الصف: ١٤]، وإما نسبة إلى البلد المعروفة في فلسطين اسمها الناصرة؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام كان هناك فالله أعلم، ويجوز أن تكون من هذا وهذا ولا منافاة.

الصفحة 7