كتاب تفسير العثيمين: المائدة (اسم الجزء: 2)

لو قال قائل: هل يصح الدعاء: اللهم إنا هدنا إليك؟
الجواب: إذا كانت بمعنى رجعنا يصح يعني إذا علم الداعي المعنى يصح.
قوله: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}، اليهود والنصارى: مفعول أول، وأولياء: مفعول ثاني، تتخذ أو اتخذ: هذا الفعل معناه التصيير، أي: لا تصيروهم أولياء، واليهود هم الذين يَدَّعُونَ أنهم أتباع موسى، والنصارى هم الذين يدعون أنهم أتباع عيسى وكلهم ليسوا أتباعًا لا لموسى ولا لعيسى بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن من كذب رسولًا فقد كذب جميع الرسل، هذه أقولها دائما من كذب رسولًا فقد كذب جميع الرسل شاء أم أبى، وشاهد ذلك قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} [الشعراء: ١٠٥]، مع أن قوم نوح ما أدركوا من الرسل إلا واحدًا، ومع ذلك قال: إنهم كذبوا المرسلين؛ لأن من كذب رسولًا فقد كذب جنس الرسالة، فيكون هؤلاء الذين كذبوا نوحًا مكذبين إلى آخر الرسل محمد عليه الصلاة والسلام.
وقوله: "أولياء" جمع ولي، ووزنه أفعلاء، ولهذا مُنِعَ من الصرف لوجود ألف التأنيث الممدودة، فما معنى أولياء؟ الولي: يطلق على معان متعددة في اللغة العربية، لكن لا يمكن أن نفهم أو أن نحدد معناه في موضع إلا بعد أن نتتبع المواضع كلها، فمثلًا: "السلطان ولي من لا ولي له" (¬١)، هذه ولاية لها معنى،
---------------
(¬١) رواه أبو داود، كتاب النكاح، باب في الولي، حديث رقم (٢٠٨٣)، والترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، حديث رقم (١١٠٢)، وابن ماجه، كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، حديث رقم (١٨٧٩)، وأحمد (٦/ ٤٧) (٢٤٢٥١) عن عائشة رضي الله عنها.

الصفحة 8