على عجل فكانوا يمسحون أقدامهم ولا يسبغون، فنادى عليه الصلاة والسلام: "ويل للأعقاب من النار"، وكذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: "ما أسفل من الكعبين ففي النار" (¬١)، فهنا الجزاء كان جزئيًّا على قدر المخالفة، وسبق أن قلنا: الحكمة في جعلهم قردة وخنازير، أن القرد أقرب ما يكون للإنسان، والحيلة التي فعلوها أقرب ما تكون للحل والإباحة ولكنها محرمة.
الفائدة الحادية عشرة: أن كل من عبد غير الله فقد عبد الطاغوت، يعني: عبد عبادة الطاغوت.
فإن قال قائل: هل يشمل هذا ما جاء في الحديث: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة" (¬٢)؟ قلنا: نعم، إذا جعل المال هو أكبر همه فإن هذا نوع من العبادة.
ومعني عبد الطاغوت أي: عبد عبادة الطاغوت، يعني: الطغيان، فالطغيان يعود على العابد، ولما أنزل الله تبارك تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩)} [الأنبياء: ٩٨، ٩٩] قال المشركون للرسول عليه الصلاة والسلام: إذًا عيسى ابن مريم في النار؛ لأنه ممن عُبدَ من دون الله، فأنزل الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا
---------------
(¬١) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، حديث رقم (٥٤٥٠) عن أبي هريرة.
(¬٢) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يتقي من فتنة المال، حديث رقم (٦٠٧١) عن أبي هريرة.