كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 2)
الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهَا لَا مَعْنًى لَهَا فِي نَفْسِهَا دُونَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِهْمَالِهَا.
فَلِذَلِكَ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلتَّعْيِينِ فِي الْوَضْعِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ، فَإِنَّهُ بِمُطْلَقِهِ يَكُونُ كُفْرًا، وَلَوِ اقْتَرَنَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إِلَّا اللَّهُ كَانَ إِيمَانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ كَانَ بِمُطْلَقِهِ تَنْجِيزًا لِلطَّلَاقِ، وَلَوِ اقْتَرَنَ بِهِ الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْلُهُ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ كَانَ تَعْلِيقًا مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَالشَّرْطَ لَهُ مَعْنًى، وَلَوْلَا تَغَيُّرُ الدَّلَالَةِ وَالْوَضْعِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ التَّغْيِيرَ فِي الْوَضْعِ، بَلْ غَايَتُهُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَمَّا اقْتَضَاهُ فِي جِهَةِ إِطْلَاقِهِ إِلَى غَيْرِهِ بِالْقَرِينَةِ كَيْفَ وَإِنَّهُ لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرُوهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ؟
وَعَنِ السُّؤَالِ الرَّابِعِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَهْمَا أَخْرَجَ الشَّرْطُ بَعْضَ الْأَحْوَالِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ إِخْرَاجُ بَعْضِ الْأَعْيَانِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إِنْ دَخَلُوا دَارِي فَقَدْ أَخْرَجَ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ، الثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا مِنَ الْأَعْيَانِ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ انْحِصَارَ التَّجَوُّزِ فِي إِخْرَاجِ الْأَعْيَانِ، وَمَا الْمَانِعُ مِنَ الْقَوْلِ بِالتَّجَوُّزِ فِي إِخْرَاجِ بَعْضِ الْأَحْوَالِ مَعَ عُمُومِ اللَّفْظِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا؟
وَعَنِ السُّؤَالِ الْخَامِسِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُسْتَبْقِيَ وَإِنْ كَانَ جَمْعًا غَيْرَ مُنْحَصِرٍ أَنَّهُ يَكُونُ عَامًّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِلْجِنْسِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا عُمُومَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعْضُ مَدْلُولِ اللَّفْظِ الْعَامِّ الْمُخَصَّصِ، وَإِذَا كَانَ بَعْضًا مِنْهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ صَرْفُ اللَّفْظِ إِلَيْهِ مَجَازًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الدَّلِيلِ.
الصفحة 231